جريدة النشرة : إبراهيم مشطاط فنان تشكيلي وناقد جمالي / طنجة
احتضن رواق طنجة المدينة يوم الجمعة 16 يوليوز الجاري ابتداء من الساعة الخامسة مساء معرضا تشكيليا فريدا من نوعه للفنانة “داليدا بن سفاج” نجلة الفنان التطواني العالمي المخضرم “سعد بن سفاج”، أحد أبرز الوجوه التشكيلية المغربية والعربية المعاصرة ، وسيستمر المعرض إلى غاية 06 غشت من العام 2021.
داليدا لم يسبق لها أن عرضَت يوما، لكنها كانت دوما في صلب العمل التشكيلي، تجدها تمضي الساعات في محراب والدها منغمسة بين الألوان واللوحات والمواد والخامات، فتشرّبت عبق الفن ونسيم التشكيل منذ نعومة أظافرها وتعلمت الكثير من الفن وعن الفن، وخبِرت دهاليزه وخباياه الدفينة.
تعتبر فنانتُنا أن عرض أعمالها للعموم لم يكن سوى مسألة وقت لا أكثر، مسألة شخصية مرتبطة بحبها لأعمالها واعتبارها لمنجزاتها التعبيرية أمرا شخصيا لا يستدعي البوح والتعميم، قبل أن تقتنع بأن تجربتها تستحق الخروج للعلن والمشاركة مع الفنانين والجمهور، كان اقتناعها نابعا من وصايا والدها الذي شجعها رغم ميولها لعالم الأدب واللغات وكان شديد الحرص على أن يكون ذلك نابعا من قناعتها الشخصية دون إجبار أو تحريض…
تمتح “داليدا” في ‘لا وعيها الشعوري’ من تجربة والدها، ولا يخفى على المتتبع لمعرضها أن هناك مرحلة من التأثير والتأثر من أسلوب أبيها التشكيلي رغم استخدامها لمواد وخامات جديدة، ورغم أن ضربات فرشاتها ترنو نحو التعبيرية والانطباعية أكثر من ميولها نحو التجريد،
لكنها ستُطور أسلوبا خاصا بها في السنتين الأخيرتين مستغلة ظروف الجائحة ومُستلهمة مواضيع وثيمات جديدة مثل العنف الأسري وقضية المرأة والبيئة إضافة لاقتحامها عالم الطبيعة الصامتة، خصوصا الورود والنباتات،
لكنها تشتغل على مواضيعها تلك بأسلوب متميز وتستعمل ألوانا جريئة ولا تُخفي شغفها بالقلم الفحمي الذي يُصبح ضرورة في تحديد الملامح والوجوه وحواشي الأشكال، بل وتستعمله أيضا لتوقيع أعمالها،
مستمدة شغفها بهذه المادة (الفحم) من والدها ولكن أيضا من عشقها لصوت احتكاكه بالقماش، فتحدثُني -في لقاء معها- عن عشقها للموسيقى التي يصدرها صوت الاحتكاك وعن ولعها بتلك الرائحة الصادرة عن تفاعل القماشة والفحم بعد إتمام التلوين الصباغي، سمفونية تلتحم فيها الألوان والأصوات والروائح لتمتزج معا في قالب جمالي يصدح بالروح وينبض بالحياة.