سياسة عرجاء تنهجها النخب السياسية ضد توجهات ملك البلاد وتشبثها بالكراسي لعقود يجعل مصير البلاد في كف عفريت
جريدة النشرة : د. عبد اللطيف سيفيا
بقية الحديث … كثيرا ما تطلع علينا شعارات سياسية فضفاضة كثيرة ومتنوعة توضع على واجهة المؤسسات السياسية وتثقل برامجها لحد التخمة والتي يمتد منحناها نحو ما دون الصفر ، مما يجعل سير التنمية في العديد من الميادين والمجالات سواء منها الاقتصادية أو التربوية أو الصحية وغيرها ، سلحفاتية الوتيرة أو عدميتها ، لدرجة أننا قد نلاحظ في كثير من المواقف التي تقدم عليها الدولة والتي ترمي من ورائها تحريك عجلة التنمية التي تبدو منذ بدايتها عرجاء ولا تمت لواقع التنمية بأدنى صلة ممكنة ، مما ينهك قوى المبادرات التنموية الرائدة التي يجهد جلالة الملك نفسه في تسطير خارطة الطريق وتوفير الإمكانيات الضرورية لتحقيقها ، ناهيك عن الأموال الطائلة التي يتم رصدها من ماله الخاص ومن ميزانيات الدولة التي تذكرني بالبقرة الحلوب التي لا تتوقف الدلاء عن غرف خيراتها التي لا يظهر لها أثر ولا وجهة ، مما جعل ملك المغرب يطرح عدة أسئلة في الصميم حول مصيرها ، كسؤاله المباشر والواضح والصريح عن مصير الثروة ، حين قال في سؤال استنكاري واضح المعالم ” أين هي الثروة؟”
إلا أنه يبدو وكأن هذا السؤال وأسئلة أخرى مماثلة في العمق قد طرحت في فراغ ولم تجد آذان صاغية ومستوعبة لمعانيها ومغزاها ، وذلك لما يؤكد على لا مبالاة المعنيين بالأمر وعدم انشغالهم أي شيء سوى قضاء مصالحهم ومصالح مقربيهم ومطبليهم الخاصة في تراكم الثروات والاستحواذ على خيرات البلاد بكل نهم وجشع يعميان بصيرتهم ويجعلانهم في حالة الزومبي في الانقضاض على هذه الثروة دون رحمة أو شعور بالذنب وإحساس بالمسؤولية ، لدرجة أنهم يوصفون وكأنهم ينقضون على خيرات البلاد كجماعة تنقض بسكاكينها على بقرة تسر الناظرين ليظفر كل واحد منهم بما استطاع من أجزاء منها وهي لازالت حية ترزق ، والأمثلة كثيرة ومتعددة ، مما يجعلنا نقف إجلالا لهذا الوطن العظيم الذي كان ولا يزال صامدا في وجه هؤلاء الفاسدين وكيد الكائدين الذين يقاومهم قدر المستطاع من الداخل ومن الخارج حتى لا يتمكنوا منه ويجعلوه طريح الأرض وفريسة سهلة تنغرس فيها مخالبهم المتربصة وأنيابهم المكشرة الضارية التي تريد أن تأتي على اللحم والعظم وتمسح أثر النعم والخيرات التي حبا الله بها بلدنا العزيز بكل أصنافها وأنواعها .
كما أن السياسة التي تنهجها اللوبيات المالية والعقارية والصناعية والاقتصادية والتربوية والصحية والسياسية وغير ذلك تسير في الاتجاه المعاكس لما يرتضيه قائد البلاد الذي نادى أكثر من مرة بضرورة السير التنموي بالبلاد بوتيرة واحدة لا ثاني لها ، حتى تتمكن جميع شرائح المجتمع المغربي ومكوناته من الاستفادة على السواء من نتائج مخططات التنمية التي يرمي إليها صاحب الجلالة والتي عمل على توسيع مفهومها محليا ووطنيا وإقليميا وإفريقيا وعالميا بسبب ما انتهجه جلالته من انفتاح على جهات إقليمية ودولية لتوطيد علاقات السلم والتعاون في شتى المجالات اتباعا لمفهوم رابح + رابح بالإضافة إلى تقديم مواقف واضحة تؤكد عزمه على التضحية الحقيقية والفعلية من طرفه في مده يد العون والمبادرة إلى تأكيد حسن النية من جانبه كوسيلة تحفيزية ومشجعة للأطراف الأخرى على الانخراط في السياسة الجديدة التي يطرحها المغرب في طي صفحات الخلاف وانطلاقه في تسجيل تاريخ جديد تحكمه القوانين الدولية في نظام جديد يسعى إلى خدمة البشرية جمعاء وتكريس ثقافة الأمن والسلام بين الدول والشعوب والأمم .
لكن هل ما يسعى إليه المغرب تحت قيادة صاحب الجلالة من مساع حتيتة نحو التأسيس لمغرب جديد ذي تطلعات واعدة وكبيرة حري بالاهتمام في ظل الوضع السياسي الداخلي الهش المعتمد على مؤسسات سياسية هشة وضعيفة كان لها الدور الكبير في تقويض كل الآمال والتطلعات التي يعمل ملك البلاد جاهدا لخلق دولة مغربية عصرية وقوية بإمكانها تبوؤ مكانة مميزة على الصعيد الدولي تجعلها في المستقبل القريب دولة رائدة في العديد من المجالات منها الدبلوماسية والصناعية والاقتصادية وغير ذلك ، يمكن أن يتحقق موازاة مع ما يعيشه المغرب من ثقافة حيازة الكراسي وعدم الرغبة في التخلي عنها وعن مناصب المسؤولية التي كانت ولازالت تتسبب في عقم وتخلف العديد من المجالات المصيرية في البلاد وكبح عجلة التنمية بتكريس السياسات الممنهجة الرجعية في قالبها الحداثي الكاذب والمزيف الذي انطلى على المغاربة لعقود وعقود واستنزف طاقاتهم وخيرات البلاد التي فطن لها صاحب الجلالة وخرج في سؤاله التاريخي “أين هي الثروة؟”
والغريب في الأمر أن سؤال الملك يبدو أنه دخل من أذن هؤلاء المسؤولين وخرج من أخرى ، ليراودني أنا شخصيا سؤال حير أمري في مثل هذه المخلوقات العمومية التي يبدو أن بين أذنيها لا يوجد ما يسمى بالضمير الوطني والإنساني وأشياء أخرى لا أريد أن أذكرها حتى لا أصير مادة قضائية دسمة يستغلها هؤلاء المتطاولون على الشأن العام المحلي وغيره والذين لازالوا يتشبثون بكراسيهم التي لم يجن المغرب من ورائها إلا الخراب والضياع وكل أنواع الفساد الذي استشرى في البلاد وحط بظلاله على العباد.
فكيف لهؤلاء أن يتجرأوا ، رغم كل ما تسببوا فيه من كوارث وفواجع في تسيير الشأن العام المحلي ، لولا رعاية الله سبحانه وتعالى ورعاية صاحب الجلالة الذي تمكن في أكثر من مرة من إنقاذ الموقف ووضع القطار على السكة الصحيحة ، كيف لهؤلاء أن يتشبثوا بمواقفهم بالاستحواذ على الكراسي والمسؤوليات ، رغم أن الزمن أكل عليهم وشرب وقضى حاجته ولم يعودوا صالحين لمثل هذه المناصب ، كعبد الواحد الراضي الذي يترشح للولاية الحادية عشر والحبيب المالكي للولاية السابعة والعثماني للولاية السادسة وسليمان العمراني للولاية السادسة وعبد الله بوانو للولاية الخامسة والحبيب شوباني للولاية الخامسة ، أما أصحاب الولايات الرابعة فحدث ولا حرج ، ناهيك عما رفعه الأمين العام لحزب الاستقلال من شعارات التشبيب دون تطبيق ذلك على أرض الواقع انطلاقا منه هو شخصيا ، بحيث استطاعوا جميعهم أيضا أن ينغمسوا في شفط خيرات البلاد بطريقة مباشرة وغير مباشرة ، دون حسيب أو رقيب ،ليألفوا أرائك المناصب الوثيرة والمكاتب المكيفة ، لكنهم نسوا أننا عند ربنا نختصم ولا سماحة أبدا في خيانة الأمانة العظمى ، والله رقيب شهيد وبعقاب الفاسدين جدير…وللحديث بقية.