معامل تصبير السمك بأسفي كارثة بيئية وإنسانية بكل المعايير وخارج الاتفاقية الإطار للأمم المتحدة
جريدة النشرة : د. عبد اللطيف سيفيا
بقية الحديث … رغم أن المغرب قد ربح رهان احتضانه للمؤتمر الثاني والعشرين للأطراف ، في الاتفاقية الإطار للأمم المتحدة ، حول التغيرات المناخية (كوب22) الذي أقيم بمراكش، والذي اعتبر أحد أبرز الأحداث التي ميزت سنة 2016 باعتباره علامة فارقة في مسار انخراط المغرب وطنيا وإقليميا ودوليا في خدمة قضايا البيئة والتنمية المستدامة ، فإننا لازلنا نرى بعض أوجه التلوث الخطير بعدد من نقط الصناعات الوطنية التي لا تعمت بصلة للاتفاقية الإطار هذه ، والتي سنعرض على زوارنا الأفاضل عينة منها على مستوى مدينة أسفي ، إنها كارثة إنسانية وبيئية مقصودة ومستهدفة بكل ما في الكلمة من معنى ، تلك الأدخنة التي تنفثها مداخن معامل تصبير السمك بمدينة أسفي.
هذه الكارثة البيئية بكل المقاييس ، التي تنفث الأدخنة من مداخن معامل تصبير السمك بمدينة أسفي ، والتي تزيد من تعميق معاناة ساكنتها المغلوبة على أمرها عموما ، وساكنة جنوب أسفي ، وعلى الخصوص حي أموني الذي يبقى له النصيب الأكبر من هذه الانبعاثات الخطيرة التي تصدر عن هذه الوحدة الصناعية الكبيرة والخطيرة في نفس الوقت ، على صحة المواطنين والبيئة بصفة عامة من نبات وتربة وهواء وبحر …إلى آخره.
ناهيك عن الروائح الكريهة التي تنبعث من هذه الأدخنة ومخلفات الاسماك التي يتم طحنها بالمصنع المذكور ، بالإضافة إلى تضرر العديد من الأحياء السكنية الأخرى والآهلة بالسكان كأحياء كاوكي والغفيرات دكالة والقليعة ، التي تلقى نفس المصير ، مما يحول حياة المواطنين إلى جحيم لا يطاق ، بحيث تساهم حركة الرياح القوية في نشر سمومها بأرجاء مدينة آسفي والمناطق المجاورة المتواجدة على بعد كيلومترات عديدة .
وهكذا فإن تبعات هذه الكارثة الصناعية ، بالإضافة إلى تأثيرها المباشر على البيئة بطريقة سلبية ، فإنها تتسبب أيضا في مشاكل صحية للأطفال والكبار على السواء الذين يصبحون عرضة للاختناق ، وخصوصا مرضى ضيق التنفس او مايسمى بالربو ، وأن هذه الأدخنة السامة المنبعثة من مداخن هذه المصانع تمنع المواطنين من التنفس بأريحية وبشكل طبيعي ، سواء في الشارع العام أم داخل بيوتهم ، التي يمنعون فيها حتى من فتح نوافذها والصعود إلى سطوحها طيلة اليوم ودون توقف ، والتي قد تطول إلى وقت متأخر من الليل .
الأمر الذي يدفع بالمواطنين المتضررين إلى التعبير عن استنكارهم القوي لما يحدث ، ويطالبون المسؤولين بالتدخل السريع والعاجل لإنقاذهم من هذه الكارثة التي تتسبب لهم في معاناة يومية وتخلف لديهم أضرارا صحية وأمراضا مزمنة تؤرق كاهلهم وتزيد من تعميق معاناتهم وتأزيم وضعهم على جميع المستويات ، خاصة وأن الساكنة تسأل عن جدوى هذه الوحدات الصناعية المشؤومة ، ما دامت لا تستفيد منها المنطقة وساكنتها وشبابها الذي تضرب البطالة في عمقه وكيانه ليصبح بلا تطلعات إلى تحسين وضعه المادي والنفسي والاجتماعي ويبقى منحصرا داخل دوامة اليأس وفقدان الأمل…
مما يستدعي المسؤولين إلى التفكير في حلول إيجابية وعاجلة لهذا الوضع الكارثي بنقل هذه الوحدة الصناعية ،التي تعتبر قنبلة موقوتة ، إلى مكان بعيد خارج المجال الحضري الآهل بالسكان ، أو على الأقل مطالبة القيمين على هذا المصنع بوضع مصفاة خاصة بهذه المداخن للحد من قوة الانبعاثات الصادرة منها أو تخفيفها كأضعف الإيمان…
كما ان شباب مدينة أسفي مهمشون ومقصيون من الاستفادة من المشاريع الصناعية والاقتصادية التي تقام بالمنطقة ، مما يدفعهم إلى الانغماس في الفراغ القاتل ، الذي قد يرمي بهم لا محالة ، بين مخالب الفقر والإقبال على المخدرات والإدمان في استعمالها ليضيع شبابنا فيضيع المجتمع برمته…
فعلى كل المسؤولين والفاعلين المحليين والوطنيين من سلطات ومجالس منتخبة محلية وجمعيات المجتمع المدني أن يساهموا من مكان قرارهم في العمل سويا على التفكير في حلول ناجعة وفعالة لإنقاذ مدينة أسفي وساكنتها وأطفالها ونسائها وشيبها وشبابها لتمكينهم من الإحساس بالأمن والأمان والطمأنينة وغرس حب الوطن فيهم بتوفير العيش الكريم لهم … وللحديث بقية.