وأخيرا ينطق السفيه بما فيه
جريدة النشرة : د. عبد اللطيف سيفيا
بقية الحديث…كنت على يقين بأن مسؤولينا تغيب عنهم الحمية الوطنية والشعبية ولكن ليس لهذه الدرجة ، درجة الرعاع، بحكم أنهم يتوفرون على مراتب حساسة ومهمة في هرم المسؤوليات التي بدأت تخرج بعض عناصرها من” رونضتها ديال الباسطوس و شباضة”حين أحسوا بحرج بسبب المقاطعة المشروعة والمتحضرة التي أقدم عليها المواطنون وأبانوا عن مستوى متحضر لم تبلغه أمم سبقتنا في الديمقراطية والتقدم الحضاري والثقافي والسياسي و….ولم تترك لنا سوى الغبار المتطاير من شدة سرعة وثيرة انتقالها عبر الزمن نحو ما يعود بالفائدة على بلدانها و شعوبها لترقى بها وتؤمن لها الحية الكريمة الملفوفة بضوابط الأمن والأمان والسعادة والهناء والحرية والإبداع وكل شيء جميل قد نعرفه أو لا تتسع مخيلتنا حتى لتتجرأ على الخوض في خلق بصيص من إرهاصات وشظايا التفكير في هوامشه. مما آل بالمواطنين إلى التعبير عن غضبهم واستنكارهم للتعسفات الاقتصادية والاجتماعية التي عانوا منها سنوات وسنوات ، وشهورا وشهوار ، وأياما وأياما ، وليال وليال دامسة لم يزد سوادها إلا حلكة، وأذاقتهم كأس المرارة في حياتهم اليومية والتي سلطها عليهم أشخاص عهدناهم يشاركوننا الوطنية والإنسانية ، فإذا بهم يزيدون من تعميق الحزن والأسى، بما لم يأت به غريب الديار ،ويجعلونه يشمل إلى جانب الوضع المادي المزري للشعب المغربي المسكين ، الجانب النفسي الذي بدا متأزما، ليحطموا كل معنويات المواطنين وعزة كبريائهم التي كانت رساميلهم الوحيدة ،الشريفة والنظيفة التي يؤثثون بها بورصة قيمهم.ولما تجلى لهم” فالسفيه لا ينطق إلا بما فيه” ومع هذا الوضع فلا يمكن استمرارية ثقة الناخب في المنتخب والمواطن في المسؤول ، مما يستدعي التفكير في وضع ‘طار جديد لا يمكن أن يقبل بمكونات لوحته إلا بشروط تضفي عليها التناسق والجمالية وقابلية التأقلم والتعايش مع الواقع وإضفاء شيء من التناغم على مكوناته واعتماد التوافق والتكامل مع بقية العناصر ، وليس استعمال الأنا العليا والنرجسية وقضاء المصالح الخاصة على حساب المصلحة العامة وإقصاء الأفكار النيرة وتشجيع الظلامية والاستبداد بالرأي والسلطة وتهميش الكفاءات و ذوي النيات الحسنة وتشجيع أعجاز النخل الخاوية والفاسدين والمفسدين…
فاتقوا الله في وطنكم ، وكونوا في مقام المسؤوليات التي أنيطت بكم ، ومن لم يستطع ، لفإن خطاب جلالة الملك كان صريحا وواضحا بأن تتخلوا عن المناصب وتتركوها لأهلها ممن لديهم غيرة على البلاد والعباد….وللحديث بقية.