متى سيحين وقت مراجعة الأوراق وتصحيح المسار قبل استعصاء الأمور وخروجها عن الطوع؟
جريدة النشرة : د. عبد اللطيف سيفيا
بقيو الحديث…عجبي من أشخاص تتوارى خساستهم وراء صفات بريئة منهم براء الذئب من دم يوسف . لست أدري إن كانوا في كامل قواهم العقلية أم أنهم تحت مفعول مخدر أو منوم يدخلهم في حالة أحلام اليقظة ، يرون أنفسهم من خلالها أبطالا يحتدى بهم ومنقذين للعالم الضيق المحيط بهم ، ومخلصين له من كل المشاكل في ومضة برق بكل يسر وسهولة،حسبما يعدون به الناس المغلطين الذين يعقدون عليهم أملا كبيرا في نجاتهم من الطوفان على الطريقة النوحية.في حين أن أبطالنا المبجلين الأعزاء ، لم يأخذوا في حسبانهم أن زمن التغفيل والضحك على الدقون قد ولى إلى غير رجعة، وأن نهجهم وطرق تفكيرهم قد أكل عليها الدهر وشرب،وأصبحت من نفايات الزمن و التاريخ التي رمى بها في قمامة المنسيات والمطمورات التي تعود إلى الجاهلية الغابرة والحقب الحيوانية البعيدة عن روح الحضارة الإنسانية.
لقد كان من السهل عليهم وعلى شاكلتهم من بني البشر أن يستغلوا الناس المغلوبين على أمرهم في تمرير أفكارهم البليدة واستغلالهم في تحقيق مأربهم ومصالحهم الخاصة ،مستغلين محاصرة المواطنين بآليات الترهيب والتجهيل من كل الجهات المتوفرة لهم ،حتى يتيه هؤلاء داخل بوثقة المجهول ويكتفوا بمصيرهم المحتوم ، ولا يتطلعوا إلى ما يقض مضجع أصحاب الحال ،رغم أن ذلك يبدو من المحال.
إما أنهم يغوصون في الجهل ويجعلون أنفسهم كمن ساقهم القدر إلى قمة المعرفة والمناصب العالية و بقوا على أصلهم وشريعتهم وطبيعتهم الهمجية ،لا يكادون يفارقونها إلا ناذرا ، حين تلزمهم بذلك أحيانا ،ليعودوا لحالهم وتشرئب نفسهم لممارساتهم الخسيسة التي طمثوا سمومها عن تدي مستنقع الأمومة البعيد عن كل إنسانية.
وها هم الآن يتبجحون ويمشون الخيلاء ، لا الرجال منهم رجال ولا النساء نساء ، ويتشدقون بالحضارة والتقدم وتحقيق ما عجز عنه الآخرون ،في حين أنهم لازالوا في جهلهم يعمهون،متناسين أن ما حققه العلم من طفرة غيرت المفاهيم لديهم وقلبت الموازين عليهم ،وجعلت الناس يفطنون لخوزعبلاتهم ويصححون المفاهيم الخاطئة التي لطالما نشروها بينهم وفرضوها عليهم بقوة السلطان والمال. الأمر الذي لم يستصغه الناس ليعبروا عن رفضهم لما كرسه عليهم أولوا الألباب الضعيفة من ممارسات التذليل والاحتقار ،التي ثاروا في وجهها معبرين عن سخطهم إزاءها بطرق متحضرة وراقية لم تخطر لأصحابنا على البال. وكانت القضية التي لن تتوانى عن محاكاتها واتباعها القضايا…
فمتى سيحين وقت مراجعة الأوراق وتصحيح المسار قبل استعصاء الأمور وخروجها عن الطوع؟
لهذا كان من اللازم على أي مسؤول ،لازالت لديه ذرة حب لهذا الوطن ولمواطنيه الذين صبروا على ما جناه عليهم بعض الفاسدين من المسؤولين وعديمي الضمير،أن يسارع إلى اتخاذ القرارات الصائبة والرزينة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان واستحالة إرجاع الأمور إلى نصابها…وحفظنا الله وإياكم وحفظ البلاد والعباد من كل الشرور والمصائب…وللحديث بقية.