من الفساد الأصغر إلى الفساد الأكبر…الفصل الثالث
من الفساد الأصغر إلى الفساد الأكبر…عنوان مقالة شيقة تتناول بعض أوجه الفساد بالبلاد وتغلغله في العديد من مكونات المجتمع المغربي والمؤسسات الحكومية والتشريعية إلى غير ذلك في غياب تام للمراقبة والتتبع والمتابعة وكل آليات الإصلاح رغم موقف دستور 2011 الصريح من كل أوجه الفساد وخطابات جلالة الملك المباشرة والمحذرة من كل تلاعب في المسؤوليات وتلويحه بقطع الطريق عن كل متهاون في العمل ومخل بالقانون…بقلم د . عبد اللطيف سيفيا
الفصل – 3
بقية الحديث…بالله عليكم يا من يمارس الفساد في البلاد ويستبيح الظلم والجبروت على العباد، ألم تفكروا في مدى ما تقدمون عليه من خروقات وشبهات وتأثيرها على الأوضاع في الوطن العزيز ، خاصة في الوقت الراهن الذي أصبح يتربص فيه أعداء وحدتنا الترابية لكل شاذة وفادة وفرصة ولو في قيد أنملة ، حتى يفاجئونا بما لم يكن في الحسبان ؟؟؟
إن هذا لهو الفساد الأكبر الذي يتنكر فيه أبناء البلاد لوطنهم وملكه وشعبه…فلا سماحة مع من يخون الوطن.
ألم يكفكم الوضع المزري الذي تعيشه بلادنا في جميع الميادين والتي لا يمكن تناولها جميعها لتعددها وتشعب اختصاصاتها ومسؤولياتها؟؟؟
فقد أضعنا زمام الأمور ، ودائما على سبيل المثال لا الحصر ، أضعناها في المنظومة التعليمية والتربوية التي قيل عنها أنها أساس الشعوب حسب ما يلي في بيت لقصيدة الشاعر المصري محمد الهراوي حين قال:”ربوا بنيكم علموهم هذبوا *** فتياتكم فالعلم خير قوام
كما قيل في إحدى آلياتها الرئيسية وهي المؤسسة التعليمية والتي نسبت أوصافها أيضا للأم نظرا لأهميتها وقيمتها في تكوين الأجيال والشعوب حين قال أمير الشعراء أحمد شوقي ” الأم مدرسة إذا أعددتها *** أعددت شعبا طيب الأعراق
كما أشيد بالمربي الذي مجد وهلل بدوره في التربية والتعليم وقدسية عمله النبيل ، وخير دليل على قمة احترامه ورفعته ما قيل في البيت التالي لنفس الشاعر :”قم للمعلم وفه التبجيلا *** كاد المعلم أن يكون رسولا”
فأيننا من كل هذا ؟ لقد انقلبت الآية رأسا على عقب وفقدت كل الأسس قوتها ومصداقيتها وانهارت القيم وفسدت المعايير وانحطت الأخلاق وتدنت الهمم ، وضاع الصواب وهانت الرقاب ، وعشنا لنرى العجب العجاب ، بعد أن أصبح الأسود أبيض والأبيض أسود وصارت الأمثلة والحكم معقوفة وتنفذ معكوسة ك ”قم للمعلم وفه التبجيلا” ، لتترجم إلى ”قم للمعلم وفلقه تفليقا أو شرمله تشرميلا…والأمثلة كثيرة ومخزية . فماذا تنتظر من تلميذ يحتقر قدوته ويعنفه ويقلل عليه الحياء ويستهزئ به علانية دون حسيب أو رقيب ؟؟؟
ماذا لو أسندت الأمور لهؤلاء المشاغبين من التلاميذ والطلبة وجعلناهم يتحملون مسؤولياتهم في تسيير شؤون البلاد والعباد ؟ إذن فلننتظر الساعة والنهاية المأساوية .
ناهيك عما انطلقت الحكومة في سلك العديد من الطرق والمنهجيات الارتجالية في اتخاذ القرارات المصيرية التي لن تؤدي بالعديد من الميادين والمجالات سوى إلى الهاوية مثل ما أقدموا عليه بخصوص تعيين أساتذة التعليم العمومي بالتعاقد ، هذه الأهزوءة والمهزلة التي إن عبرت عن شيء فإنما تعبر عن مدى جهل المسؤولين التام بأهمية هذه الشريحة الهامة من المجتمع والتي يمكن أن يعول عليها في تغيير توجهات المسار التعليمي والثقافي وتأثيرهم على العديد من مكونات المجتمع المغربي وبالتالي مؤسساته لدرجة لا تتصور سلبا أو إيجابا ، نظرا لما يسند لهم من مهمة حساسة وخطيرة يمكنهم بواسطتها تمرير ما يؤمنون به اتجاه الوضع وحسب قراءتهم الخاصة لمعطياته وموقفهم منها …ألا يعتبر هذا بفساد أكبر وأعظم؟ وللحديث بقية.