من الفساد الأصغر إلى الفساد الأكبر: أي مقاول ورجل أعمال نريد ؟ أمقاولا ورجل أعمال مواطنا أم ذاك الذي ينهب خيرات البلاد ويمتص دماء العباد؟
جريدة النشرة : د. عبد اللطيف سيفيا
بقية الحديث…كثيرا ما نصادف المواقف والأحداث التي يجب علينا أن نستخلص منها العبر ونتخذها قدوة ومنارا لنا في العديد من المجالات ،لكن للأسف رجالنا لا تغويهم وتهمهم إلا الأمور التي يغرفون منها الأرباح الطائلة ويبكبون عليها بنهم وجشع لا نظير لهما يعميان أبصارهم ويصمان آذانهم لدرجة الصمقلة التي تغشي بصيرتهم وتفرغهم من كل ما هو إنساني وما يمت للوطنية والمواطنة بصلة ، والمواقف والأمثلة في ذلك كثيرة ومتعددة ،مثلما يحدث في المناطق النائية ببعض ربوع المملكة السعيدة والتي يذوق فيها المواطنون ،الفقراء والمهمشون على الخصوص، أبشع ظروف العذاب وأشده قسوة يلاقونها في حياتهم اليومية أو خلال تعرضهم لظروف طبيعية أقوى منهم كالفياضانات والثلوج والحرائق وغيرها من المواقف التي تنزل عليهم كالصاعقة فتودي بحياتهم وحياة أبنائهم ونسائهم وشيوخهم أمام أنظارهم وهم يقفون عاجزين لا يستطيعون إلى إنقاذهم سبيلا تحت طائلة السيول القوية الجارفة التي تتهددهم في فرص كثيرة ومتعددة وتأتي على محصولهم الفلاحي وماشيتهم وتقوم بهدم منازلهم ومسح آثارها وكل ما بنوه طيلة سنين سطرت بالعذاب الأليم والآنات والآهات والحسرة والحزن .ناهيك عن معظلة الثلوج التي تحاصرهم في القححخمم ونواحيها لتذيقهم بدورها أبشع صور العذاب ،لا ترحم المرأة الحامل ولا الرضيع ولا التلميذ ولا الراعي ولا الشيخ ولا …ولا…ولا…الجميع يذوق العذاب ويلاقون مصيرهم السيئ تحت أنظار المسؤولين وأصحاب الفخامة رجال الأعمال والمستثمرين المغاربة الذين همهم الوحيد هو حيازة الأرباح الطائلة وتكديس الأموال الكثيرة ولا يهمهم مصدرها أو أصلها أو طرق الحصول عليها بقدر ما هم مهتمون بالتباهي بتراكم الثروات وصرفها فيما هو بعيد عن خدمة الوطن والمواطنين والإنسانية بصفة عامة، ناسين ومتناسين لواجبهم نحو البلاد التي أوتهم ويسرت لهم طرق الاستثمار فيها وأمنت لهم كل سبل الحفاظ على أموالهم وممتلكاتهم وفتحت لهم أبواب العمل وآفاق التطور والازدهار و…دون أن يفكروا في رد الجميل إليها وإلى مواطنيها الذين بدورهم فوضوا لهؤلاء مشروعية استغلال خيراتها ،لكنهم أي المستثمرون، كانوا بحق أنذل مما يتصور وتملكهم الطمع والجشع وفضلوا مصلحتهم الخاصة على حساب مصلحة البلاد والعباد.
لماذا لا نأخذ العبرة ممن هم قدوة صالحة ونقتدي بأعمالهم ونسير على خطاهم ، خاصة إن كانوا ينتمون إلى بلد مرموق وضارب في الريادة الدولية ،بل يقود العالم بأكمله ويبهره بقوته وتقدمه على جميع الأصعدة ،إنها الولايات المتحدة الأمريكية التي خرج أحد رجالاتها المستثمرين في ميدان العقار والمطاعم لمحاولة فك حصار الحاجة على المواطنين الذين قدر لهم أن يعيشوا لحظات دامت حوالي 22 يوما زجت بهم في كابوس الفزع والخوف بسبب النيران التي التهمت منازلهم وعددا من البنايات المختلفة ومنها المدارس والمطاعم و…جراء الكارثة التي حلت بشمال كاليفورنيا إثر الحرائق الطبيعية التي شبت بغابات هذه المنطقة وأتت على حوالي 70000 ألف هكتار و14000 منشأة ووفاة حوالي 94 شخصا ليتم القضاء عليها آخر المطاف من طرف جحافل لا تقدر من رجال الإطفاء بمساعدة آليات متطورة بما فيها صهاريج الماء في الكثيرة ذات الثمن الخيالي الذي يفوق المليار سنتيم والطائرات المحملة بأطنان المواد التي تستعمل في إطفاء النيران القوية في صورة لا نستطيع تخيلها لعظمة ما حشد لها من طاقات بشرية متمرسة ووسائل متطورة في مجال الإطفاء والإنقاذ التي رغم كل ذلك أبانت عن عجزها الكبير أمام هذه الكارثة الطبيعية لولا هطول الأمطار التي صادفت الأيام الأخيرة من تدخلهم ليتمكنوا من السيطرة على الوضع وإخماد النيران التي فتحت عليهم وعلى ساكنة المنطقة أبواب جهنم وذلك لهول ما تسببت فيه الكارثة الطبيعية هذه بالإضافة إلى الخسائر في الأرواح والممتلكات ،استطاعت أن ترخي أيضا بخطورتها على المناطق المجاورة والبعيدة التي تلبدت سماؤها بغيوم أدخنة هذه الحرا التي امتدت على بعد حوالي 600 كلمتر وأكثر من مكان الفاجعة ليتسبب ذلك حالات اختناق قوية لساكنة المناطق المذكوره مما دفع بهؤلاء إلى الهروب من بعيدا عن هذه المناطق والمدن وإعلان السلطات عن الدخول في حالة طوارئ وإغلاق المؤسسات التعليمية والمصالح المختلفة تجنبا لما يمكن أن تسببه الكارثة من أضرار وما يمكن أن يلحق المواطنين من أذى جراء ذلك …وللحديث بقية . -يتبع-