أزمة الشعر العربي المعاصر

0

جريدة النشرة : ذ. العربي الحميدي

إن حداثة الأعمال الشعرية المعاصرة جعلتها تحت رحمة أعاصير النقد العاتية تلطم الشاعر واشعاره من مختلف الجوانب حتى اصبح يجد الشاعر العربي نفسه غير قادرا على مواجهتها بقوة الواقع إلا نادرا. وغالبا ما تكون نهاية المجابهة بالصمت أو الإحباط وتارة أخرى بالاستسلام للتأويلات باستعمال آيات من الذكر الحكيم. إما للإرضاء أو…
إذا تمعنا قليلا في الأعمال الشعرية المعاصرة في الغرب تظهر العلاقة بين العمل الشعري و الحياة الاجتماعية بمزيد من الوضوح، إذ أضحى الشعر قيمة إنسانية كاشفة لواقع الحال في المجتمعات التي فرض عليها قفص الانغلاق بحكم العرف أو الدين أو الأيديولوجيا.
إن الاعتراف بالشاعر كشخص اجتماعي إيجابي قادر على اختراق القضايا المجتمعية بكل أشكالها، وقادر أيضا على بلوغ مستوى من الحرفية في الإبداع الشعري رغم محاولة حصره داخل حلقة مغلقة معصومة بقداسة القديم و الموروث.
إن دور التفكير (الغربي) في الرابط بين ما هو شعري واجتماعي قد غير كليا هذه الظاهرة في العالم العربي رغم كل التعقيدات و المعوقات خاصة النقدية (المنفعية أو النرجسية).
وهكذا نجد الأعمال الشعرية التي تتوفر فيها مثل هاته القدرات على التقاط الصور المجتمعية من مختلف زواياها كثيرة، سواء كانت المشاهد سلبية أو إيجابية حيث جعلت صمت المخفي يتكلم والمسكوت عنه (بعدة طرق تختلف من مجتمع إلى آخر) تخرج للعلن. وذلك راجع لإدراك الشاعر
إن الشعر مجال أساسي لمعرفة الجانب الاجتماعي إذ أصبح اكتشاف البنية الاجتماعية عن طريق الشعر يستحق اهتماما خاصا كما هو الشأن بمختلف الأعمال الأدبية الأخرى. لكونه ضرورة لتحليل الظواهر المجتمعية، وذلك لتواجد الشاعر داخل قلب الأحداث اليومية ولأنه جزء منها. لهذا أصبحت الدواوين غالبا ما تعد نوعا من علم الاجتماع الأدبي (إن صح هذا التعبير) الذي كثيرا ما ساعد المجتمعات الغربية في بلورة برامجها الإصلاحية. فهل سيتعامل المؤرخين وعلماء الاجتماع العرب مع هاته الدواوين في صياغة تحليلات واقعية لإصلاح ما فسد من العلاقات المجتمعية؟
سؤال سيظل مطروحا إلى حين.
إن الشاعر العربي أو الأمازيغي قد يكون مؤرخا هو الآخر كما قال الروائي مصطفى لغتيري عن كاتب القصة والرواية، لكن بالفطرة و خارج سرب المؤرخين.

Leave A Reply

Your email address will not be published.