في ظل المعاناة …الشعوب العربية ستطمح يوما ما إلى الحياة الكريمة لا محالة . (تابع) -الجزء الثالث-
جريدة النشرة : د. عبد اللطيف سيفيا
بقية الحديث … وهكذا فقد غلبت الأنا السلطوية على هؤلاء الحكام ليصعدوا إلى بروجهم التي ظنوا أنها ستحميهم من طوفان غضب شعوبهم التي ضاقت بما آلت إليه الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المزرية في بلدانهم والتي تضرروا كثيرا من سلبياتها دون المحظوظين من أصحاب النفوذ والمناصب العليا الذين كرسوا على المواطنين المقهورين كل أنواع الابتزاز والقهر ومصادرة حق هؤلاء المغلوبين على أمرهم بشفط ثروات البلاد وهضم حقوق العباد .
كما أن هؤلاء الحكام لم يتوقفوا عند هذا الحد ، بل أباحوا لنفسهم التلاعب بمصير البلاد والعباد والتواطؤ في مصادرة حقوق شعوبهم وأوطانهم وثرواتها والمتاجرة فيها بأبخس الأثمنة بعرضها في الأسواق الدولية التي تراهن في إحياء مبتدعيها على أنقاض الشعوب الأخرى التي ترى أنها لا تستحق العيش في مستوى يضايقها في الترف ، ومنها الشعوب الإفريقية والعربية التي تختلق لها المشاكل والمصاعب بشتى الطرق والوسائل كالحروب والأمراض والجهل والتبعية لتبقى رهينة ببوصلتها ومقيدة بمساطرها وتابعة لسياساتها الغاصبة لاستغلال أوضاعها واستنزاف خيراتها وثرواتها والحفاظ عليها كأسواق لترويج منتجاتها وكبلدان استهلاكية ، وخاصة للمنتوجات الصناعية غير الصالحة كالأدوية والسيارات والآلات المختلفة ومنها الالكترونية كالحواسيب والهواتف والشرائح والساعات ، بالإضافة إلى أن هذه الدول الغربية والشرقية أيضا قد جعلت من الدول الإفريقية والعربية على حد سواء ، مزبلة ومقبرة لنفاياتها الصناعية الخطيرة التي تريد التخلص منها لما يمكن أن يتسبب فيه من أضرار لمواطنيها ، لتبرم مع حكام هذه البلدان التابعة صفقات تعود عليهم بأرباح مادية وضمانات سياسية خاصة تجعلهم كالكراكيز التي يتحكم في خيوطها حكام الغرب والشرق ، ضاربين بمصالح البلاد والعباد عرض الحائط .
ناهيك عن الاستثمارات الربحية المغرضة ، في مجالات لا تعد ولا تحصى ، و التي تتم بين هذه الدمى المتحركة ومتبنيهم والتي تدخل في مشاريع ” رابح خاسر ” والتي تدخل في إقامة وحدات صناعية وتحويلية استنزافية تلتهم الحب والأخضر واليابس ولا تترك للأطراف الأخرى ، التي هي البلدان المعنية ، غير الدمار والخراب والكساد والأمراض والأوبئة والحروب .
وكل هذا جعل الشعوب العربية تحس بالغبن والظلم والافتراء والازدراء إزاءها وإزاء أوطانها التي عاينتها بأم عينها تعرض في المزاد العلني جملة وتفصيلا ، بالجمل وما حمل ، دون مراعاة هؤلاء الحكام العملاء لأي حس وطني أو إنساني ، أو استحضارهم لأي مبدأ من مبادئ المروءة والشهامة والوطنية ، مما أيقظ شعور الغيرة والخوف على مصير الأوطان من غدر اللئام ، لتثور ثائرة النبلاء والشرفاء وتعزم على إنقاذ البلاد بالخروج إلى الشوارع مثلما حدث في مصر العظيمة بتاريخها وشعبها الذي لم يرض بالمساومة والمتاجرة ببلاده ووطنه ، مستنكرين ما آلت إليه الأوضاع في ارض الفراعنة الذين قادوا العالم آلاف السنين وخدموا الإنسانية في شتى المجالات العلمية والثقافية والحضارية ، ليبرهنوا اليوم على أن دماءهم الساخنة تفور بحب الوطن وتفوح منها رائحة الكرامة وتجري في عروقهم لتسقي جميع أعضاء أجسادها بالغيرة على مكتسباتها وحب الوطن ، رافضة لكل الذل والإقصاء الممنهج الذي يكرسه الحكم وعلى رأسه الرئيس الانقلابي السيسي ، على الشعب المصري ، الذي خرج مطالبا بتغيير النظام والإطاحة بالرئيس الحالي ، هذا الأخير الذي يبدو أنه لم يستوعب بعد أنه أمام شعب استجاب القدر حبا في الحياة الكريمة وحفاظا على حرمة وطنه ، الذي كان يوما ليس ببعيد ، في مقدمة الشعوب العربية حضارة وعلما وثقافة إلى جانب الشقيقة العراق التي كانت مهدا للحضارة وأرضية واسعة لتبادل الثقافات متصدرة المشهد العلمي والأدبي والفكري سنوات وعقودا وقرونا لتتحول بقدرة ذوي النيات السيئة والمصالح الخاصة من أبنائها الذين ساروا على درب الأعداء المتربصين بالعراق والطامعين في خيراته لتهدم الصروح و تستنزف الثروات وتعم الفوضى ويكرس الاستبداد بالرعية التي أحست بالظلم والاحتقار والغبن الممارس عليها من طرف مسؤوليها ، لتنتفض شبيبتها بكل عزم وقوة قصد تمرير رسالة لمن يتربعون على هرم المسؤولية بأن الشعب ليس بساذج ولا قاصر وإنما هو شعب مسالم يجنح إلى السلم ويرغب في الخروج من عنق الزجاجة ويتشوق إلى معانقة سماء الحرية ليعيش في أمن وأمان … وللحديث بقية.