رغم أن تداعيات جائحة “كوفيد” الاقتصادية والمالية والاجتماعية, كانت أشد وطأة على المغرب مقارنة بدول الجوار الإقليمي, إلا أن أجوبة المملكة على هذه الظرفية الاستثنائية كانت أكثر فعالية, حسب كل من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
بالنسبة لصندوق النقد الدولي, فإن الخسائر الناجمة عن تداعيات كورونا كانت أقل ثقلا بدول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا, بعدما سجلت انكماشا بنسبة 5 في المائة كمعدل, فيما سجل المغرب تراجعا بنسبة 7.2 في المائة,وهو أعلى معدل بالمنطقة, علما بأن المندوبية السامية للتخطيط لم تبتعد كثيرا عن هذا الرقم, حيث قدرت تراجع الاقتصاد الوطني بنسبة 7 في المائة.
الأمر ذاته بالنسبة للبنك الدولي. هذا الأخير في تقرير عممه قبل أيام حول الوضعية الاقتصادية في ظل الجائحة, أشار إلى أن الاقتصاد المغربي انكمش بنسبة 7 في المائة.
انعكاسات الانكماش الناتج عن الظرفية الاستثنائية, امتد ليشمل النسيج المقاولاتي.
في هذا الإطار, رصد البنك الدولي توقف أزيد من 6 في المائة من المقاولات التي تشتغل وفق القوانين عن أنشطتها بسبب الجائحة. الأمر كذلك حتى بالنسبة للأنشطة غير المهيكلة, وهو الأمر الذي تسبب في فقدان 580 ألف منصب شغل حسب البنك الدولي.
الفاتورة الباهضة التي أداها ويؤديها المغرب,عزاها البنك الدولي إلى الحجر الصحي, موضحا بأن التدابير التي اتخذها المغرب لوقف زحف الجاحة كان أكثر صرامة سواء على مستوى طول فترة الحجر الصحي التي بدأت في مارس من العام الماضي, الأمر الذي ألقى بتداعيات ثقيلة على العرض والطلب داخليا وخارجيا.
لكن رغم ذلك, تمكنت المملكة من تجاوز هذه الظرفية بنجاح. فالتدابير اتي اتخذها المغرب ف إطار لجنة اليقظة الاقتصادية جنبت السيناريو الأسوء, كما أكد اقتصاديو المؤسسة البنكية الدولية مؤخرا في ندوة صحفية تم عقدها عن بعد لمناقشة التقرير الذي أعدوه حول الوضعية الاقتصادية والاجتماعية بالمغرب في ظل جائحة “كوفيد19”.
خبراء البنك الدولي وصفوا إجراءات من قبيل تقديم الدعم المالي المباشر المقدم للأسر, وتأجيل أداء القروض البنكية والتسيهلات المقدمة للمقاولات للحفاظ على مناصب الشغل بالمجهود الجبار الذي بذله المغرب,وذلك رغم تراجع العائدات الجبائية ب15 مليار درهم.
الأكثر من ذلك, يلفت البنك الدولي, فإن المغرب تمكن من تحقيق هذا الإنجاز مع الحفاظ على عجز ب7.5 في المائة, وهي أقل نسبة مقارنة بدول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
ورغم أن ذلك جاء في سياق مديونية قياسية بعد الخرجة الأخيرة للمغرب للأسواق الدولية حيث اقترض 3 ملايير دولار, فإن البنك الدولي قلل من ذلك, مشيرا إلى أن سهولة الحصول على هذا القرض وبنسبة فائدة جد تنافسية, تؤكد منسوب الثقة التي تحظى بها المملكة لدى المؤسسات الدولية, علما بأن هذه المديونية ستبدأ في التراجع انطلاق من 2023.
لكن إذا كان المغرب قد أدى كلفة باهضة للتدابير التي اتخذتها لاحتواء الأزمة الصحية ومن جهة أخرى من أجل الحفاظ على النسيج الاقتصادي والتماسك الاجتماعي,فإن هذا المجهود لن يذهب هباء, بقدر ما مثل أرضية صلبه على ضوئها سيتم النهوض من جديد خلال العام المقبل بعد انجلاء الأزمة الصحية.
في هذا الإطار يتوقع كل من صندوق النقد الدولي, والبنك الدولي أن يجد الانتعاش وإن بشكل تدريجي إلى الاقتصاد المغرب خلال هذه السنة . صندوق النقد الدولي يتوقع نموا بنسبة 4.6 في المائة, فيما يتوقع البنك الدولي نموا بنسبة 4 في المائة.