جريدة النشرة : د. عبد اللطيف سيفيا
عين جلالة الملك محمد السادس رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار عزيز أخنوش رئيسا للحكومة وكلفه بتشكيلها، وذلك بعدما تصدر الحزب نتائج الانتخابات التشريعية.
وقال بلاغ لوزارة القصور الملكية والتشريفات والأوسمة إن الملك محمدا السادس استقبل أمس الجمعة 10 شتنبر الجاري بالقصر الملكي بفاس، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، عزيز أخنوش، إثر تصدر حزبه لنتائج الانتخابات التشريعية التي شهدتها البلاد يوم الثامن شتنبر هذا .
وأفاد البلاغ بأن هذا التعيين، يأتي، طبقا لمقتضيات دستور 2011 في فصله 47 ، وبناء على نتائج الانتخابات التشريعية لثامن شتنبر 2021
وتجدر الإشارة إلى أن هذه الانتخابات كانت قد سجلت مشاركة المواطنين الناخبين فيها نسبة 50.53 بالمائة ، ليفوز فيها الحزب الوطني للأحرار ب 102 مقعد ويليه حزب الأصالة والمعاصرة ب 87 مقعدا ثم حزب الاستقلال ب 81 مقعدا وغي المرتبة الرابعة حزب الاتحاد الاشتراكي ب34 مقعدا ، يليه حزب الحركة الشعبية ب 28 مقعدا ثم حزب التقدم زالاشتراكية ب 22 مقعدا ثم حزب الاتحاد الدستوري ب18 مقعدا ، ليحل حزب العدالة في المرتبة الثامنة بحصوله على 13 مقعدا فقط من 125 مقعدا كانت في حوزته في الولاية السابقة ، ثم حلت بقية الاحزاب المتبقية في الرتبة التاسعة ب10 مقاعد .
وقد تلقى حزب العدالة والتنمية وابلا من الانتقادات والملامات ، منها بأنّ الذي أوصلهم إلى هذا الانهيار الكارثي هو تبنّي المرجعية الإسلامية منذ قيام هذا الحزب، مع دعوى الصلاح والإصلاح … في الوقت الذي لم ير فيه المغاربة أي تأثير لهذه المرجعية الإسلامية في واقع الحياة، ممّا جعل بعض قيّاديّي الحزب أنفسهم يصرّحون بأن الحزب سياسي وليس إسلامياً. لكن جميع نشطاء الحزب لم يفتروا عن ترديد شعارات الإسلام ودعوى الالتزام.
وأن المعضلة تكمن في إعلان حزب العدالة والتنمية حزباً سياسياً إخوانياً بمرجعية إسلامية ، معضلة لأنه لم يظهر أثر لهذه المرجعية في حياة الحزب اليومية. خاصة ما له علاقة مباشرة بتدبير الشأن العام وبجيوب الفقراء وتحسين معاشهم اليومي على الأخص.
مما جعله أمام انهيار حزب سياسي بحْت.
كما عيب عليهم أن مدة عشر سنوات من “الحكم” لم يُقدّموا للإسلام الذي هو مرجعيتهم كما يقولون، أي شيء يذكر كمنع الخمور مثلاً والحد من التعامل بالربا، وتحقيق الكثير من قطعيات الدين كإنشاء صندوق الزكاة مثلاً.إلى آخره.. بل على العكس تماماً، لوحظ عليه تكريس لغة المستعمر في التعليم (قانون الإطار) وتقنين القنب الهندي وتصريحات الدكتور العثماني المدوية باستحالة التطبيع مع إسرائيل ، ليؤكد بعد أيام قليلة هو من يوقع على ذلك التطبيع…ناهيك عن قضايا جوهرية تمس جيوب المغاربة كملفات التقاعد والتعاقد والضرائب والقرارات المجحفة التي تصدر في منتصف الليل، والتصريحات المتناقضة التي باتت مادّة دسمة للنّكتة والتفكه (ارتداء الكمامة مضرّ وغير مفيد، بعد أيام تصبح الكمامة ضرورة ملحة على لسان نفس الشخص د. العثماني…
كما قيل أنه ما دامت المعضلة تكمن في التشبث الصوري بالمرجعية الإسلامية، فلا أقل من حلّ الحزب نهائياً وتأسيس حزب سياسي جديد، مرجعيته لا تتجاوز برنامجَه المعتمد في السياسة والاقتصاد وما إلى ذلك على غرار باقي الأحزاب الوطنية.
لقد كانت صفعة قوية وسقوطا مدويا لحزب العدالة والتنمية نحو الهاوية التي لم نكن نتصور انها ستكون بهذه القوة خلال يوم الاقتراع الأخير الذي جرت أطواره يوم 8 شتنبر 2021 وخلال الانتخابات المهنية التي سبقتها ، بحث يعتبر العديد من المحللين السياسيين بأن ما حدث للحزب في هذه الاستحقاقات هو عقاب له ليس إلا ، اتخذه في حقه الشعب المغربي الذي كان يعقد عليه آمالا كبيرة في الرفع من مستواه المعيشي والتخفبف من معاناته وتوفير آليات التنمية الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية والصحية وغيرها له، بعد أن منحت للحزب ولايتان لمدة عشر سنوات كانت عجافا ، الأولى في عهد عبد الإلاه بنكيران والثانية في عهد سعد الدين العثماني ، حسب قول محللين سياسيين ، كرست خلالهما مظاهر الفقر والحاجة والفاقة التي مست شريحة واسعة من المجتمع المغربي بسبب توالي الكوارث والفواجع الطبيعية منها والسياسية والفوضى وانعدام الثقة في الحكومة والمسؤولين وفي المؤسسات والإدارات التي اصبحت تخل بالواجبات والمسؤوليات بسبب العبث الحكومي واللامبالاة الصادرة عن وزرائها الذين عوض أن يكونا قدوة صالحة زادوا من تأزيم الوضع وساهموا في تعكير الأجواء ، مما ساهم في تدني الخدمات وميوعة الأوضاع المتهلهلة التي خلقت لدى المواطنين نوعا من السخط وانعدام الثقة في المسؤولين بصفة عامة ، ناهيك عما تسببوا فيه من انعدام الاخلاق والتذمر الذي شمل الطبقتين الاجتماعيتين المسحوقتين سواء الفقيرة أو المتوسطة .
وهكذا فيمكن وصف ما قامت به هذه الحكومة وعلى رأسها حزب العدالة والتنمية من العبث وزرع الأشواك الأشواك لا يمكن إلا أن ينتج سخط المواطنين العارم ورفضهم التام لاستمراريتهم في تقلد المناصب وتحمل مسؤولية الشأن العام ، مما تم التعبير عنه بقوة في الاستحقاقات الأخيرة لتعاقبهم بما لم يكن في الحسبان حتى يكون درسا لكل من تسول له نفسه التلاعب بمصير البلاد والعباد.