ثورة الجياع على الجياع .. الجزء الثالث

0

جريدة النشرة : د. عبد اللطيف سيفيا

 

بقية الحديث … لكن السؤال المطروح في هذا الوضع العصيب والخطير الذي أصبحنا نعيشه على أعصابنا يوما بعد يوم لما أصبحنا نعيشه من احتقان شعبي ببلدنا العزيز على صعيد ربوع المملكة ، وفي ظروف ليست مواتية للمشاحنات المسعورة التي قد تخلق الفتنة ، والفتنة أشد من القتل ، هذه الفتنة التي تتسبب فيها نيات سيئة مبيتة ، تسعى وراء نشرها وتكريسها جهات سادية ، حاقدة ومعادية لوحدة الوطن واستقرار البلاد ، بسعيها بكل ما لديها من إمكانيات مادية ومعنوية وبشرية ولوجيستية وطرق وأساليب شيطانية ، لبث التفرقة وإشعال فتيل الحقد والاحتقان الاجتماعي بين أوساط المجتمع المغربي ، واستغلال الفرص واختلاق المواقف من الداخل والخارج وجعلها تسير في الاتجاه المعاكس ومخالفة تماما لمصلحة الوطن والمواطنين .

وخير دليل على كل هذا ، ما أصبحنا نعيش بألمه ومرارته والحسرة عليه من تعدد الأحداث الكارثية المتتالية المتمثلة في المواقف الكثيرة التي لا تعد ولا تحصى والتي تتسبب في غليان الشارع المغربي شمالا وجنوبا وشرقا وغربا ، وخلقت أزمة ثقة بين الشعب ومؤسسات الدولة ، إلى جانب المؤسسات الخصوصية الجشعة أيضا ، نظرا لما لحق المواطنين من أضرار تسببت له في جروح عميقة امتدت آلامها إلى دفعه لفقدان الثقة في دائرته المقربة وفي نفسه أيضا ، بحيث لم يعد يعرف ماذا يريد وما لا يريد فكانت النتيجة الحتمية سلبية جدا بعدما أصبحنا نصبح عليه ونمسي من انتحارات في صفوف الشباب وغيرهم ، ليصبح الانتحار عبارة عن ثقافة تستهوي حتى الاطفال والشيوخ بالإضافة إلى صور أخرى كثيرة ومتنوعة من الفساد الاخلاقي الذي اصبح متفشيا في المجتمع المغربي كالنصب والاحتيال والتزوير والتعاطي للمخدرات وبيع الذمم والاغتصاب والاتجار في البشر ..  مما يلوح بخطورة الموقف وتعبيره عن عدم صحته وضرورة الإسراع في البحث بجدية في حيثياته وأسبابه ومسبباته ، التي تجعل الإنسان يقدم على مثل هذه المواقف معبرا عن عدم اكتراثه بمآله ومصيره ومآل الآخرين ومصيرهم ، وتبخيس مكانته وقيمته في المجتمع والتضحية بحياته وروحه التي لم تعد لها قيمة بالنسبة إليه ، ولم تعد تعني لديه شيئا أمام المواقف السيئة التي يصادفها في حياته اليومية والإكراهات التي تفرضها عليه  …

بحيث يمكن أن نرد بعض هذه الأسباب إلى الإكراهات القوية التي توالت عليه والضربات والساحقة والاوجاع والنكبات والفواجع التي تلتهم مصيره وتجعله في كف عفريت كالفقر والبطالة وسوء الخدمات على جميع الاصعدة ، كل هذا جعله يعيش في حيص بيص ، لا يعرف ما يقدم أو يؤخر ، بعد أن أناب عنه رجالا ونساء يقومون بخدمته وخدمة الوطن وتحملهم للمسؤولية بكل أمانة وصدق حتى لا يضيع الطالب والمطلوب ونصبح جميعا في خبر كان . الأمر الذي جاء بنتائج عكسية تماما لتطلعات المواطنين والوضع المأساوي الذي سئمنا منه بسبب المناهج السياسية الهجينة التي تمارس علينا من طرف الاحزاب السياسية والنقابات الصورية ومسؤوليها بالبرلمان والحكومات المتعاقبة الفاشلة التسويفية التي لا تخلف بعضها إلا لضرب برامج بعضها البعض ، لتشارك في مسرحيات المهزلة السياسية التي تكرس على البلاد والعباد ، مساهمة في نشر الفساد المباشر وغير المباشر على جميع الأصعدة بدءا بالتلاعب بالدين والأخلاق ومحاربة المبادئ القيمة والأسس الصحيحة التي يقوم عليها المجتمع المغربي ، فكان ما كان … انتشار الفساد في كل ركن ، في مكان وصوب ، في الماء والهواء ، وحتى في انفسنا التي لم نعد نطيقها بالأحرى أن نطيق غيرنا  ، فكانت الفوضى والعبث المؤديان إلى التسيب والتيه والضلال وفقدان البوصلة والبصيرة والتمييز بين الصالح والطالح ، فجاءت الانزلاقات وحلت الانشقاقات وتوالت المصائب التي كرست الفرقة بين طبقات المجتمع في انتظار إيقاظ الفتنة ، والفتنة أشد من القتل .

لهذا فعلى كل فرد من المواطنين معرفة ما له وما عليه ، واستيعاب الدروس من العديد من من مواقف الشعوب والأمم التي لم تستوعب ضرورة الحفاظ على الوطن والدفاع عن مكتسباته ومقدساته ورموزه التي تجمع شتاته وتوحد صفوفه وتؤكد وجوده وقوته ، فكان مصير هذه الشعوب المتهاونة في الحفاظ على هويتها وجمع شملها هو الضياع وفقدان كرامتها وعزها و…

فلنكن في مستوى المسؤولية الوطنية الفردية والجماعية ، ولنسع إلى تصحيح أوضاع مجتمعنا ، كل من مكان تواجده به ، ولنكن جادين في تحمل مسؤوليتنا هذه انطلاقا من ابسط الاشياء إلى أكثرها أهمية ، انطلاقا من البيت إلى الشارع وإلى اختيار المسؤولين المناسبين لمناصب المسؤولية التي ستسند إليهم وحملهم للأمانة الملقاة على عاتقهم ، حتى نتمكن من العيش في مجتمع متناسق ذي روابط قوية وفي بلد متكامل العناصر مبني على أسس متينة تجعلنا ننطلق به نحو مستقبل أفضل … وللحديث بقية .

Leave A Reply

Your email address will not be published.