السلامة الطرقية.. شعارات لا وجود لها على أرض الواقع

0

جريدة النشرة : إعداد: بوشعيب حمراوي

 

أظهرت الحكومة عدم اهتمامها بالحياة اليومية للمغاربة، ومعاناة وهموم شعب الراجلين مع التسيب والتسلط البشري الموالي لهم بالمدن، حيث يرغمون على السير فوق الأزقة والشوارع، وقد تجاوز احتلال الأرصفة إلى أجزاء كبيرة من الأزقة والشوارع من طرف أصحاب المقاهي والمطاعم والمحلات التجارية والخدماتية، تضاف إليها العشوائية والغياب شبه التام لممرات الراجلين وعلامات التشوير إلا ببعض واجهات المدن ومداخلها (الفيترينات)، ومراكزها، وأيضا غياب الصيانة لتلك العلامات وكذا لممرات الراجلين التي تمحى صياغتها الرديئة بسرعة، يضاف إليها غياب الاحترام اللازم من طرف السائقين لتلك الممرات البعيدة من الإشارات الضوئية، وعدم تحسيس المارة وتوعيتهم بكيف ومتى تتم عملية العبور فوق ممرات الراجلين، وأسبقية الإشارات الضوئية وقبلها أسبقية قرارات أمن ودرك المرور في حالة تواجد أحد عناصرهما.

فما جدوى فرض قانون غير قابل للتطبيق؟ ليس بسبب الرفض أو العصيان الشعبي، ولكن لأن القانون الذي يحمل شعار “التخفيف من حوادث السير” يستهدف فئة من المغاربة مغلوب على أمرها.. يصعب عليها الامتثال له، كما يصعب عليها أن ترى وتعيش جحيم التسلط عليها من طرف مغاربة صنفوا أنفسهم في خانة الأقوياء والحكام الذين يفرضون علنا أمنهم وقوانين خاصة بهم.

صحيح أن كل مغربي معرض لتقمص شخصية الراجل، لكن هناك فرق بين من يترجل بالأحياء الراقية والفضاءات التي لا تعرف أدنى ازدحام، وبين من يترجل بالأحياء الهامشية والأزقة والشوارع المزدحمة، وبالقرب من المراكز والأسواق التجارية الشعبية.. هناك فرق بين من يمنع من الرصيف، فيرغم مكرها على السير وسط الشارع، والبحث عن فجوات وسط كتلة من العربات والسيارات والدراجات النارية والحافلات والعربات والدواب، وبين من يمكنه حتى اللعب أو النوم فوق الرصيف أو حتى بشارع أو زنقة، حيث لا صوت محرك يدوي به (ها).

لقد اعتاد المغاربة على تواطؤ البرلمان والحكومة عندما يتعلق الأمر بعجزهما في مواجهة أي معضلة، أو التصدي لأي ظاهرة تؤرق المجتمع المغربي، حيث يتم إصدار قوانين غير قابلة للتطبيق، ومحاولة إخلاء مسؤولياتهما بالإعلان عن بدء العمل بها، علما أن أول من يجب عليه أن يعاقب، هما الغريمان: البرلمان والحكومة، اللذان لم يوفرا الظروف والوسائل اللازمة للمغاربة من أجل الامتثال لتلك القوانين.. كيف إذن سيتعامل شرطي مرور مع طفل ارتكب مخالفة عدم استعمال ممرات الراجلين أو مع سائق عربة أو راكب دابة بالمدينة؟ وكيف سيتعامل في ظل غياب ممرات للراجلين، وفي ظل احتلال الأرصفة؟ بل وفي حالة عدم تواجد تلك الممرات.. هل يرغم الراجل على استعمال سيارة أجرة من أجل التنقل من رصيف لآخر يقابله، على الأقل فثمن الرحلة لن يتجاوز 10 دراهم عوض تأدية غرامة 25 درهما، فاستعمال ممرات الراجلين من أجل العبور من الرصيف إلى الرصيف المقابل، يجب أن يكون سلوكا مترسخا في أذهان كل المغاربة منذ طفولتهم، وثقافة العبور لا تحتاج إلى استصدار قوانين وعقوبات، لأنها تدخل ضمن الواجبات المفروض أن يؤمن بها كل مغربي، لكن كيف يمكن للمغربي أن يؤمن بثقافة العبور وسط عالم يؤمن بالفوضى والمحظور؟

لقد تم تفعيل المادتين 94 و187 من القانون رقم 52.05 المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5824 بتاريخ 25 مارس 2010، أي بعد أزيد من سبع سنوات على صدوره، وكان بالأحرى استغلال تلك السنوات من أجل إيجاد توطئة لحماية الراجلين قبل تفعيله، وكلنا نتذكر القانون رقم 15.91 المتعلق بمنع التدخين بالأماكن العمومية، والذي لازال عالقا، علما أنه صدر بالجريدة الرسمية سنة 1992، فالأمر كان يتعلق كذلك بسلوك فقط وجب ترسيخه لدى المغاربة. القانون لم يطبق، لكن الظاهرة بدأت في الزوال، بل تلاشت تقريبا، وكلنا نتذكر القانون رقم 77-15 الذي يمنع تصنيع واستيراد وتصدير وتسويق واستعمال الأكياس البلاستيكية، لكن الأكياس لازالت تنتج وتسوق بالمغرب.. وطبعا الحكومة تكتفي بإحصاء المحجوزات البلاستيكية وعدد المخالفين المعاقبين، وهم طبعا من فئة التجار المستضعفين في البلاد، بينما زاد ربح شركات إنتاج الأكياس بعد أن رفعوا من سعرها.

 

شغب المرور وضعف البنية يهددان حياة التلاميذ 

اصطدمت الفعاليات الجمعوية والتربوية والأمنية المشاركة في إطار الأنشطة التحسيسية والتوعوية الخاصة باليوم الوطني للسلامة الطرقية داخل المؤسسات التعليمية، بالواقع المتردي والمهين للبنية التحتية لبعض الأزقة والشوارع والطرقات، وخصوصا على مستوى علامات التشوير، حيث غياب ممرات الراجلين وعلامات “قف” وممنوع المرور، والوقوف والتوقف.. وانعدام الصيانة لدى تلك المتوفرة.. عنف وشغب المرور بات يهدد كل المواطنين، سائقين وراجلين، والخطر الأكبر الذي يحدق بالتلاميذ، وخصوصا خلال فترات الخروج والدخول إلى مدارسهم، راجلين أو راكبين حافلات النقل المدرسي أو النقل العمومي، مجموعة من السلوكات اللاأخلاقية لبعض السائقين والراجلين، يضاف إليها شغب السير الممارس من طرف مجموعة من التلامذة أنفسهم، حيث يقضون النهار وأجزاء من الليل في تسلق مؤخرات الشاحنات والعربات، واستعمال آليات التدحرج وسط زحمة السيارات، والالتصاق ببعضها، وهو ما جعل هؤلاء المبادرين في إطار مهامهم أو المتطوعين، في أوضاع محرجة أمام مجموعة من التلاميذ المستفيدين من أنشطتهم، وتبين لهم أن على الجهات المعنية أن تبادر إلى توفير العتاد اللازم لحسن تدبير السير وحماية السائقين والراجلين قبل فرض احترامهم لقوانين السير، وتحدث بعضهم عن عجز أو قصور أو صمت أمني تجاه تجاوزات مجموعة من التلامذة بأزقة وشوارع المدن، ذكروا منها مثلا ركوب مجموعة من التلامذة على دراجة نارية أو عادية واحدة، وعدم احترامهم لقوانين السير، وتسلق الشاحنات والحافلات وهي تسير وفي غفلة من السائقين.

Leave A Reply

Your email address will not be published.