انتقاء اللاجئين الصالحين من اللاجئين الطالحين في الحدود الأوكرانية/البولونية
من المشاهد المخزية التي حملتها لنا حرب روسيا/أوكرانيا عبر كاميرات التلفزيون، مشهد انتقاء اللاجئين الصالحين من اللاجئين الطالحين في الحدود الأوكرانية/البولونية.
وصلت وقاحة بعضنا من الآدميين درجة منع ملونين أو سود أو مواطنين ذوي سحنات مغاربية من دخول الأراضي البولونية، بداعي أنهم ليسوا مواطنين أوربيين ولايحق لهم الولوج إلى فضاء شنغن، لأنهم حسب هاته القراءة العنصرية، سيستغلون الفرصة وسيستقرون نهائيا في الدول التي سيهربون إليها.
يجب التذكير هنا أن الأمر يتعلق بكائنات آدمية مرتعبة من الحرب، هاربة من القصف، ملتجئة من القتل إلى أمان تعتقده متحققا بعيدا عن البلاد التي تتعرض لكل هذا الدمار الآن.
في الحدود، ومع منع هاته الطائفة من اللاجئين من حقها في الفرار من الموت، قال لنا جزء من أوربا كل شيء.
هو في الحقيقة فسر لنا لماذا يكتسح اليمين المتطرف كل انتخابات البلدان الأوربية.
وهو منع قال لنا لماذا لم تعد دول، كانت تصدر لنا في السابق من الوقت شعارات الإنسانية والعدالة والمساواة، مثل فرنسا، قادرة على أن تنتج لنا إلا كائنات مثل لوبين وزمور وبقية العنصريين الذين يعتقدون أن خلاص بلادهم يتم عبر تنقيتها العرقية من العرب والأفارقة والآسيويين.
هاته الوقاحة العنصرية وصلت فعلا مراتب لم نكن نتخيلها، خصوصا لدى أصحاب الشعارات الكاذبة. لكنها اليوم واقع متحقق يذكرنا بكل حوادث التفرقة على أساس العرق أو الدين أو الجنس التي سمعنا عنها سابقا، لكنه هذه المرة يأخذ أبعادًا أفدح وهو يقرر أن الموت يليق بالقادمين من الجنوب، وأن الحق في الحفاظ على الروح أمر غير مكفول – مثلما كنا نعتقد بغباء – للإنسانية، كل الإنسانية.
صنع قصف روسيا لأوكرانيا دمارا كثيرا وخلف وسيخلف كوارث اقتصادية واجتماعية أكثر، لكنه فعلا في هاته قدم لنا أسوأ وجه لتعامل الإنسان مع أخيه الإنسان، على افتراض أن الإخوة هناك في الشمال يعتبروننا حقا، نحن أهل الجنوب، أناسا مثلهم تماما….