مُعَلَّقَةُ تَلَاقَتْ عُيُونُ الرَّبِيعِ بِأُمِّي
جريدة النشرة : الشاعر الدكتور والروائي المصري / محسن عبد المعطي محمد عبد ربه..شاعر العالم شاعر الثّلَاثُمِائَةِ معلقة
تَلَاقَتْ عُيُونُ الرَّبِيعِ بِأُمِّي = فَنَفَّضَتِ الْقَلْبَ مِنْ كُلِّ هَمِّ
وَقَالَتْ : ” أُحِبُّكِ مِنْ كُلِّ قَلْبِي = سَكَنْتِ بِدَاخِلِهِ فِي الْأَهَمِّ “
وَقَالَتْ : ” فَدَيْتُكِ يَا رُوحَ عُمْرِي = أَتَسْرِينَ فِعْلاً بِرُوحِي وَدَمِّي
فَدَيْتُكِ يَا قِبْلَةَ الْعَاشِقِينَ = تُرِيحِينَ نَفْسِي وَتُجْلِينَ غَمِّي
فَأَنْتِ فَخَارٌ لِكُلِّ الزُّهُورِ = بِطِيبِ الْمُرُورِ عَلَى مَاءِ يَمِّي
وَأَنْتِ سَمَاءٌ لِكُلِّ الْعُصُورِ = وَأَنْتِ الْبَرَاحُ إِذَا ضَاقَ كَمِّي
وَأَنْتِ الْوِسَادَةُ لِلْمُتْعَبِينَ = وَصَدْرُكِ مُلْكٌ لِهَذَا الْخِضَمِّ
تَبَارَكْتَ يَا رَبُّ تُثْنِي عَلَيْهَا = بِقُرْآنِكَ الْمُسْتَبِينِ الْأَشَمِّ
وَتُعْلِي مِنَ الشَّأْنِ بَيْنَ الْأَنَامِ = ذَكَرْتَ الْعِبَادَةَ تُوصِي بِأُمِّي
وَفَصَّلْتَ فِيهَا بِآيَاتِ حَقٍّ = تُعَظِّمُهَا فِي دَلَالَةِ عِلْمِ
فَبِالْأُمِّ تُبْنَى صُرُوحٌ كِبَارٌ = وَبِالْأُمِّ تَعْلُو مَدَائِنُ حُلْمِي
أَغَالِيَتِي كَمْ حَنَنْتُ إِلَيْكِ = بِشَوْقِ الْكَبِيرِ وَأَشْجَارِ كَرْمِي
كَمِ اشْتَاقَ قَلْبِي وَكَمْ ثَارَ حُبِّي = يُوَفِّي الْجَمِيلَ وَحَفْلُكِ قِمِّي
تَبَاعَدْتِ عَنِّي وَتَوَّجْتِ فَنِّي = بِتَاجِ الْجَلَالَةِ مُبْرِي الْأَصَمِّ
وَرَفْرَفْتُ بَيْنَ السَّمَاءِ كَحُلْم = دُعَاؤُكِ حَقَّقَهُ فِي الْمُلِمِّ
أَيَا رَبِّ فَاغْفِرْ لِأُمِّي الذُّنُوبَ = بِفَضْلِكَ يَا مَاحِياً كُلَّ إِثْمِ
أَيَا رَبِّ وَارْحَمْ حَبِيبَةَ نَبْضِي = وَلَا تَنْسَهَا فِي قَلِيلٍ وَجَمِّ
أَيَا رَبِّ عَافِ الْكَرِيمَةَ أُمِّي = فَفَضْلُكَ يَا رَبِّ حُلْمِي وَغُنْمِي
أَيَا سَابِلَ السِّتْرِ حَقِّقْ رَجَاهَا = وَعَفْوُ الْكَرِيمِ بِأَجْمَلِ حُكْمِ
جِنَانَ الْخُلُودِ بِفَضْلِكَ رَبِّي = لِأُمِّي بِجَاهِ الْكَرِيمِ الْأَعَمِّ
بِفِرْدَوْسِكَ الْأَعْلَى طَالَ اشْتِيَاقِي = وَأُمِّي تُطِلُّ بِأَفْضَلِ دَعْمِ
فَيَارَبِّ بَشِّرْنَهَا بِنَعِيمٍ = يَفُوقُ خَيَالَاتِ حِبٍّ وَخَصْمِ
مَلَاكِي الْجَمِيلَ تَزُورُ الْخَمِيلَ = وَقَلْبِي يُحَلِّقُ فِي كُلِّ قِسْمِ
وَيُزْهَى بِأُمِّي وَقَدْ زَالَ غَمِّي = بِفَضْلِ الْحَبِيبَةِ فِي كُلِّ كَلْمِ
جِرَاحِي أَلِيمٌ وَحُزْنِي مُقِيمٌ = وَلِكِنَّ رَبِّي حَفِيظٌ لِسِلْمِي
أَدِمْ حُبَّ أُمِّي أَدِمْ فَضْلَ أُمِّي = وَعَيْنَ الْحَسُودِ بِفَضْلِكَ أَعْمِ
وَوَفِّقْ فُؤَادِي وَبَارِكْ مِدَادِي = بِفَضْلِ دُعَاهَا الْجَمِيلِ وَسَمِّ
تَجَاوَزْتُ حَدِّي وَفَضْلُكَ يُجْدِي = فُؤَادِي الْمُتَيَّمَ أَعْلِ وَأَسْمِ
وَحَقِّقْ سَبِيلَ الرَّوَاجِ لِأُمِّي = بِمَا عَلَّمَتْنِي صَغِيراً بِحَجْمِي
بِمَا أَنْجَبَتْنِي بِمَا أَرْضَعَتْنِي = وَقَامَتْ حَبِيبَةُ قَلْبِي بِفَطْمِي
أَلَيْسَتْ تُرَبِّي حَبِيبَ الْفُؤَادِ = تُوعِّيهِ يَبْعُدُ عَنْ كُلِّ جُرْمِ ؟!!!
فَأَهْلاً حَبِيبَةَ قَلْبِي الدَّؤُوبِ = يُوَفِّي جَمِيلَ صَبُورٍ وَشَهْمِ
فُؤَادُكِ يَا أُمُّ أَبْهَى فُؤَادٍ = تَخَيَّلْتُهُ فِي مَدِيحٍ وَذَمِّ
وَقَلْبُكِ أَصْفَى وَحُبُّكِ أَغْلَى = حَبَانِي بِهِ اللَّهُ مَا بَيْنَ قَوْمِي
وَأَمْشِي الْمُبَارَكَ مَا بَيْنَ قَوْمِي = وَمَا بَيْنَ أَغْرَابِ كَدْحٍ وَصَرْمِ
أُلَاقِي الْغَرِيبَ بَشُوشاً بِوَجْهِي = يُقَابِلُنِي فِي ابْتِسَامَةِ حِلْمِي
لِأَنَّكِ تَدْعِينَ رَبِّي لِقَلْبِي = تُرَجِّينَهُ فِي صَلَاةٍ وَصَوْمِ
وَمَا دَامَ حُبُّكِ بَيْنَ ضُلُوعِي = أُلَاقِي الصَّعَابَ بِلَا خَوْفِ غُشْمِ
وَمَا دُمْتِ أَنْتِ تُزَكِّينَ عُمْرِي = فَمَا زِلْتُ فَذّاً بِشِعْرِي وَرَسْمِي
وَمَا زِلْتُ أُسْطُورَةَ الْحَالِمِينَ = أُغَرِّدُ مَا بَيْنَ غُصْنٍ وَأَجْمِ
فَأَنْتِ الدَّوَاءُ وَأَنْتِ الشِّفَاءُ = وَأَنْتِ الْأَمِيرَةُ فِي كُلِّ غُرْمِ
تَحَدَّيْتُ أَعْتَى صِعَابِ الْحَيَاةِ = بِفَضْلِكِ يُغْرَسُ مَا بَيْنَ لَحْمِي
فَأَنْتِ مُنَايَ وَأَنْتِ نَجَاتِي = وَأَنْتِ غِذَائِي وَأَكْلِي وَهَضْمِي
وَهَبْتِ لِقَلْبِي سُمُوَّ الشُّعُورِ = أُفَصِّلُهُ بَيْنَ رُمْحٍ وَسَهْمِ
وَسَيْفٍ جَسُورٍ وَقَلْبٍ طَهُورٍ = وُحُبٍّ لِرَبِّي إِذَا رَامَ أَرْمِي
فَشُكْراً لِأُمِّي وَغَوْصِي بِحُلْمِي = وَلُؤُلُؤُهَا بَيْنَ أَمْسِي وَيَوْمِي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذه المعلقة من بحر المتقارب التام
أول المتقارب
العروض تام صحيح والضرب تام صحيح
ووزنه :
فَعُولُنْ فَعُولُنْ فَعُولُنْ فَعُولُنْ = فَعُولُنْ فَعُولُنْ فَعُولُنْ فَعُولُنْ
مثل :
تَلَاقَتْ عُيُونُ الرَّبِيعِ بِأُمِّي = فَنَفَّضَتِ الْقَلْبَ مِنْ كُلِّ هَمِّ
وَقَالَتْ : ” أُحِبُّكِ مِنْ كُلِّ قَلْبِي = سَكَنْتِ بِدَاخِلِهِ فِي الْأَهَمِّ “
وَقَالَتْ : ” فَدَيْتُكِ يَا رُوحَ عُمْرِي = أَتَسْرِينَ فِعْلاً بِرُوحِي وَدَمِّي
فَدَيْتُكِ يَا قِبْلَةَ الْعَاشِقِينَ = تُرِيحِينَ نَفْسِي وَتُجْلِينَ غَمِّي
فَأَنْتِ فَخَارٌ لِكُلِّ الزُّهُورِ = بِطِيبِ الْمُرُورِ عَلَى مَاءِ يَمِّي
وَأَنْتِ سَمَاءٌ لِكُلِّ الْعُصُورِ = وَأَنْتِ الْبَرَاحُ إِذَا ضَاقَ كَمِّي
وَأَنْتِ الْوِسَادَةُ لِلْمُتْعَبِينَ = وَصَدْرُكِ مُلْكٌ لِهَذَا الْخِضَمِّ