غضب في أوساط النقابات الجزائرية بسبب ارتفاع الاسعار والوعود الكاذبة التي وصفوها ب”ضربة سياسية”
لم تلق الزيادات المنتظرة منذ أكثر من سنة والتي أقرتها الحكومة الجزائرية على رواتب عمال القطاع العام، استحسان العمال والنقابات على السواء، حيث يرونها مجرد ذر للرماد في الأعين و”ضربة سياسية” أكثر منها محاولة لحماية قدرة الجزائريين الشرائية المتهاوية بسرعة بسبب ارتفاع التضخم وتراجع قيمة الدينار.
وكشفت الحكومة الجزائرية عن قيمة الزيادة التي مست ما يعرف بـ “النقطة الاستدلالية” في أجور القطاع العام، والتي تراوحت بين 10 دنانير و50 دينارا، حسب الوظيفة والمستوى العلمي وسنوات الخبرة، في خطوة انتظرها عمال القطاع العام منذ أكثر من 6 أشهر على أن تدخل حيز التنفيذ في موازنة 2022 التكميلية المنتظر عرضها على البرلمان شهر يونيو القادم.
وحسب الأرقام فإن أجور عمال القطاع العام ستكلف سنة 2022 الخزينة العامة 28.2 مليار دولار، مقابل 27 مليار دولار السنة الماضية، من أصل الـ43 مليار دولار المخصصة لميزانية التسيير، في حين بلغت كتلة الأجور 26 مليار دولار سنة 2020.
واعتبر محللون أنه مهما كانت الزيادة التي ستمس أجور القطاع العام فإنها ستعمل من جهة على زيادة الاستهلاك وارتفاع الطلب، ولكنها ستُؤدِّي من جهة أخرى إلى دوَّامة لانهائية من التضخُّم في ظلّ زيادة الأسعار وغياب الرقابة على الأسواق، ومن الناحية الاقتصادية، فإن زيادة الأجور بدون إنتاجية والبحث عن موارد جديدة ما هي إلّا سكب للزيت على نار التضخُّم، ليتأجَّج بعد ذلك ثالوث العجز الموازني والبطالة والفقر.
وأجمعت النقابات المستقلة والموالية للحكومة على أن الزيادات جاءت مخيبة للآمال، داعية رئيس البلاد عبد المجيد تبون للتدخل وإعادة النظر في سلم الأجور، متوعدة بالرد بكل الطرق المكفولة قانونيا.
وإلى ذلك، أكد رئيس نقابة عمال التربية والتكوين المنضوية في تكتل النقابات المستقلة الذي يمثل 9 قطاعات عمومية، مزيان مريان أن “الارتفاع الرهيب للأسعار، أفقد القدرة الشرائية توازنها والطبقة المتوسطة مكانتها، لذلك نجدد المطالبة بإعادة النظر في “قيمة” النقطة الاستدلالية والنظام التعويضي ككل، بالإضافة إلى استحداث المرصد الوطني للقدرة الشرائية لمواجهة الغلاء”.
وكشف النقابي الجزائري في حديث إعلامي أن “تكتل النقابات المستقلة قرر قطع الهدنة مع الحكومة، والدخول في حركات احتجاجية، سيحدد موعدها وطبيعتها قريبا، بعد التشاور والتنسيق مع النقابات، لاسترداد الحقوق ومواصلة النضال حول جملة المطالب المشتركة بين مختلف النقابات، خاصة ما تعلق باسترجاع الحق في التقاعد النسبي والتقاعد دون شرط السن وإعادة النظر في سياسة الأجور، بالإضافة إلى تحيين منح المناطق الجغرافية وتعميم منحة الامتياز، ورفع القيود عن الحريات النقابية.”
وما زاد من معاناة العمال تهاوي الدينار الجزائري إلى مستويات غير مسبوقة في تاريخه أمام الدولار والعملة الأوروبية الموحدة، مواصلا بذلك سقوطه الحر أمام العملات الأجنبية، بوتيرة سريعة تفوق توقعات الحكومة، رافعا نسب التضخم الذي بات يلتهم قدرة الجزائريين الشرائية.
وبلغت العملة المحلية في التعاملات الرسمية أكثر من 148 ديناراً للدولار الواحد لأول مرة في تاريخ العملة الجزائرية. وسجلت نسبة التضخم في شهر فبراير/شباط 7.6 بالمائة، حسب الإحصائيات الرسمية.