تقويض نظرية المؤامرة .. حماد ويحمان وشيخه ع الصمد بلكبير أنموذجا / الجزء الثاني
جريدة النشرة : محند الرﮜــــيــــﮜــ، أستاذ التعليم العالي كلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس- فاس
سين – من هو عبد الصمد بلكبير صاحب نظرية المؤامرة الذي يقدم” الدروس “في الوطنية والوحدة الترابية لأبناء وحفدة المقاومين والشهداء ؟
هو أستاذ جامعي متقاعد،خريج التعليم الأصيل بمدينة مراكش وكلية الآداب ظهر المهرازبفاس شعبة اللغة العربية. كان أحد أقطاب “لنخدم الشعب ” التي انشقت عن “منظمة 23 مارس “ السرية. كانت الحركات الماركسية اللينينية أو مايسمى باليسار الجديد(إلى الأمام و23 مارس والماويون) يمتحون من روافد إيدلولوجية متنوعة, يمكن إجمالها في أدبيات الماركسية اللينينية ذات التوجه العروبي، وإرث الفقيه البصري السياسي الذي يمثل الجناح العسكري للاتحاد الوطني للقوات الشعبية و “الخيار الثوري” للمهدي بنبركة. كان هدف كل هذه التنظيمات هو قلب النظام الملكي ،النظام السياسي الذي عرفه المغرب منذ الملك الأمازيغي شيشونغ- من أجل استبداله بنظام جمهوري شيوعي. كان أغلب هؤلاء الماركسيين اللينينين العروبيين يستقوون على الدولة المغربية بدول معادية تنتمي إلى المعسكر الشرقي منها الجزائر وليبيا وسوريا . وهي نفس الدول التي ستتآمر ضد المغرب حيث قدمت الدعم العسكري والسياسي للبوليزاريو وكانت وراء القلاقل والفتن التي عرفها مغرب بداية السبعينات.لقد استنزف هذا الكيان الانفصالي المغرب منذ أكثر من 4 عقود. كيان انفصالي وهمي خرج من رحم القومية العروبية “الاشتراكية “.
وتجذر الإشارة إلى أن أصول القومية العربية وروافدها تعود إلى شرذمة من العرب المسيحيين المدعومين من قبل الدولتين الامبرياليتين (فرنسا وبريطانيا) اللتين استعملتا ورقة العرب المسيحين من أجل تقسيم ما كان يسمى آنذاك ب”خبزه الرجل الأوروبي المريض“(تركيا).والدليل على ذلك كون أغلب المنظرين والمدافعين عن إيديولوجية” القومية العربية” كانوا من العرب المسيحين(فرح أنطوان، جورجي زيدان،ساطع الحصيري، ميشيل عفلق…). سنعود في مناسبة مقبلة لتحليل الخلفيات السياسية التي دفعت الدول الإمبريالية إلى دعم تيار القومية العربية، ومحاربة المشروع الإسلامي الذي كان يقوده العالم والمفكر الإصلاحي جمال الدين الأفغاني الذي اغتيل مسموما في ظروف غامضة. وما يتثر الريبة والشك حول أهداف وخلفيات هذا التيار القومي العروبي هو كونه لقي تشجيعا ودعما منقطع النظير من قبل القوى الاستعمارية(فرنسا وبريطانيا)،حيث تُوّج بتأسيس الجامعة العربية بمباركة بريطانية-فرنسية. في مقابل إجهاض المشروع الإسلامي التوفيقي الذي دعا إليه الرواد مند القرن19 كجواب عن سؤال النهضة: لماذا تأخرنا وتقدم الآخر؟.
كان عبد الصمد بلكبير،على غرار رفاقه في منظمة “23 مارس “وتيار”لنخدم الشعب” يتبنى الماركسية اللينينية خيارا إيديولوجيا، وكان يسعى هو ورفاقه، حسب زعمهم، إلى اجتثاث الجذور الفكرية للبورجوازية الصغيرة والمتوسطة التي تتشكل منها الأحزاب الوطنية .كان بلكبير قائدا ميدانيا للاتحاد الوطني لطلبة المغرب ما بين1968و1973 .كان ذاك الشاب المراكشي القمحي اللون ،كما وصفه بعض رفاقه أثناء ولوجه قبة البرلمان سنة1992، من قادة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب الذين تبنوا الإيديولوجية الشيوعية والماركسية -اللينينية ، والحزب الثوري الصيني و الفيتنامي. و هي الإيديولوجية نفسها التي كانت تعتنقها تنظيمات اليسار الجديد الذي كان يهدف إلى جعل المغرب بلدا شيوعيا وتحويله إلى جمهورية اشتراكية بعثية توتاليتارية. وإسقاط الملكية التي تتواجد في شمال إفريقيا لأزيد من 30 قرنا.
باختصار شديد، هذا هو الأستاذ بلكبير الذي شغل الدنيا منذ متم الستينات إلى منتصف الثمانيات(1984) من القرن الماضي ،تاريخ تأسيس “منظمة العمل الديمقراطي” التي كان أحد أبرز من ساهم في تقسيمها إلى الوثيقة 1 والوثيقة 2 منتصف التسعينات من القرن الماضي، ناعيا بذلك موت حزب “منظمة العمل الديموقراطي، الذي اعتبر تجربة سياسية وثقافية رائدة قاده المجاهد محماد أيت يدّربحكمة ورزانة.
المثير للاستغراب أن الأستاذ عبد الصمد بلكبير لايزال إلى حدود هذه اللحظة يشكل الاستثناء في دفاعه عن بشار الأسد ،جزار الشام الذي شرد ملايين السوريين وقتل آلاف الأبرياء. بشار الأسد سليل نظام حزب البعث الذي كان يأوي الانقلابيين والمناوئين لنظام الملك الراحل لحسن الثاني، ولطالما قدم دعما لا مشروطا لما يسمى ب “البوليزاريو”. ولا زال هذا النظام القومي التوتاليتاري ،إلى اليوم، يستهدف النظام الملكي المغربي والوحدة الترابية. ويساند الجمهورية الوهمية في المحافل الدولية. ولا شك أن المغاربة يتذكرون الرد اللافح للمندوب المغربي الدائم بالأمم المتحدة السيد محمد لوليشكي على استفزازات مندوب بشار الأسد الدائم في الأمم المتحدة المسمى بشار جعفري الذي استفز الدولة المغربية من خلال تطاوله على البروتوكول الملكي واعتباره الصحراء المغربية أراضي محتلة.
هل يحق، لمن لايزال يدافع عن النظام السوري الديكتاتوري المناوئ للمغرب ،امتلاك مشروعية إعطاء الدروس وتلقين مبادئ الوطنية للأمازيغ المسالمين والوطنيين الوحدويين ؟.هل من يتعاطف ويدافع عن القذافي والأسد رموز الديكتاتورية-الذين استهدفوا استقرار الدولة المغربية مرات عديدة-مؤهل ليمارس العقل الناصح على المغاربة الناطقين ،ويجعل من ورش إدماج اللغة الأمازيغية ،الذي حظيت بعناية المؤسسة الملكية والجمعيات الحقوقية بما فيها “الجمعية المغربية لحقوق الإنسان” – جزءا من مخطط صهيوني أمريكي، والأخطر من ذلك أنه اعتبر الجمعيات المدنية فتنة والفاعلين الجمعويين مخبرين للغرب .وقد صرّح بنفسه أنه أخطأ حينما ساهم في تأسيس هذه الجمعية االتي كانت حاضنة للمظلومين والمعتقلين.
هل يستطيع الأستاذ بلكبير إقناع ملايين السوريين المشردين في المغرب و مختلف دول العالم بعدالة نظام بشار الأسد ونزاهته وعدله ،وهو الذي تستقبله قنوات النظام السوري الدموي إلى الآن لتحليل نظرية المؤامرة دون أن يعير أي اهتمام للدماء الزكية التي سالت في مختلف الأراضي السورية ؟ ما عساه يقول عن السر في عشقه الأبدي لآل الأسد ولحزب البعث الفاشي(ينظر حوار الأستاذ بلكبير مع قناة سورية www.rtv.sy))) ؟.
لاشك أن مقارنة بلكبير بين الروڱي عمر بن إدريس الجيلالي الزرهوني الملقب ب بوحمارة ،والفقيه عبد الحي الكتاني (أحد المحميين) وبعض قادة الحركات الاحتجاجية، يدل على الإفلاس السياسي و الشيخوخة الفكرية للرجل. وأيا كان الأمر، فلا يمكن أن تستقيم المقارنة بين زمنين مختلفين: لأن مغرب أواخر القرن 19 وبداية القرن20 ليس هو مغرب القرن 21. كما أن مغرب مولاي عبد العزيز، الذي كان يتسم بالفوضى والجهل والفقر و ينقسم إلى بلاد السيبة وبلاد المخزن ، وكانت الدول الإمبريالية تتسابق إلى استعماره. ليس هو مغرب اليوم ، البلد المستقر الصاعد. أما فرنسا القوة الاستعمارية القديمة، فقد أصبحت صديقا وشريكا اقتصاديا مهما وحليفا استراتيجيا للمغرب تسانده في قضيته الوطنية الأولى في الأمم المتحدة.
لقد آن الأوان ليخلد الأستاذ بلكبير إلى الراحة ويستمتع بحلويات متجرالحاج بلكبيرالموجود في شارع علال الفاسي بالداوديات وفي حي ﮜـيليز الراقي، و بشاي وطنجية مراكش وسماع الملحون. هو الآن سبعيني، لذلك يتعين عليه أن يتقاعد ويحج بيت لله ويتفرغ إلى الوضوء والصلاة. لقد عرفناه رجلا محاربا للأمازيغية لغة وثقافة، ومعارضا حتى لتلك البحوث العلمية التي كنا ننجزها منذ أن كنا طلبة في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمراكش خلال الثمانينات من القرن الماضي.