النظام الرئاسي… الحل المشكلة
جريدة النشرة : أحمد الخالصي / العراق
باتت جملة (النظام الرئاسي هو الحل) ومنذ مدة، تحتل جميع الأحاديث التي يتناولها المواطن، حينما يتم التطرق لوضع البلد، وهو طرح مفروض على الرؤية الشعبية، والفرض يتأتى من جملة من الأسباب، بعضها لها بعد تاريخي ممتد، وبعض الأخر متعلق بالمرحلة الزمنية الراهنة.
وهذا الحل نراه مشكلة مضاعفة إذا تسنى تطبيقه بالأصل، وحاليًا مستبعد ذلك، وحتى لو تم الأمر بمثل ما يتم طرحه حاليًا، فسيكون حالة مشوهة وهجينة عن ذاتية النظام كشكل قائم، فالواقع السياسي وما يرتبط به من نسيج اجتماعي ملحق، لا يساعد بالمرة على تطبيق مثل هكذا طروحات حاليًا، فلا الساسة الكرد ومثلهم السنة يوافقون على مثل ذلك، ومن المعروف إن النظام السياسي الحالي، قد بني على توافقات الأمزجة السياسية الثلاث، ومن ثم فأن الكيفية التي تجري بها الطروحات، ضمن الجو العام، ستتشكل ضمن التوافقية لما ذُكر، والذي بدوره يقودنا إلى الحقيقة الواقعية التي يجب إن يتم التذكير بها، ألا وهي (الفيتو) كسلاح سياسي تملكه جميع الأطراف الرئيسية، أي إن أي صيغة يجب إن تمر في إطار هذا المعادلة، وبالنسبة للعامل الاجتماعي الملحق، فطبقًا لهذا المفترض الحاصل، فإنه مقسم بيئيًا على هذه المعادلة، مما يعني إن أي تحرك جماهيري، سيكون محكومًا بإنه حراك فئوي، لا يتصل بالبيئات الأُخرى، والمصاديق على ذلك واضحة، ولعل آخرها الاحتجاجات التي حصلت في 2019، ورفض الطرفين المذكورين للمطالب التي تمخضت عنها الاحتجاجات في وقتها، باعتبار البيئة التي جرت ضمنها، كانت محدودة، ضمن نسق جغرافي معين، مما يعني استبعاد الامتداد والاتصال سوى على مستوى التحرك، أو المطالبات, ومهما أُدعي بغير ذلك، فأن التقسيم السياسي يفرض عليها الفئوية مسبقًا وكما أسلفنا، وهذا هي أهم الأسباب المرحلية التي إذا لم تحول دون تحقيق هذا الطرح، فحتما أنها ستحوله إلى شكل نظمي هجين لا يمتلك من ذاتيته سوى الاسم، فلا يمكن لنا تخيل رئيس بصلاحيات مقتصرة، وممنوعة من الامتداد، بحاكمية النسق السياسي والاجتماعي الفئوي.
لكن لو افترضنا تجاوز كل ذلك، وهو غير مستحيل، فما الخطورة في ذلك؟،
أن الخطورة الكامنة، هي منطلقة من ذهنية المجتمع ككل، والتي ولدت نتيجة حقب زمنية متعاقبة، جعلته في دائرة من العنف، وفوضوى متأزمة بشكل متكرر، حضرت بكل التحولات التي جرت على شكل الحكم، وتمظهراته المرتبطة به، مما يعني رسوخ ضرورة القوى، كضابط أوحد للخروج من هذه الحالة، وهذا يعني توليدات مستمرة للدكتاتورية، وخير دليل على ما نقول، الحالة المتواجدة، من الرغبة في العودة إلى النظام المقبور، وقد تجد هذه الحالة حاضرة حتى في ضحايا ذلك الحكم، وما يعزز من هذا الاتجاه، تحزب بعض الجماهير وانتمائها إلى شخصيات حالية، من واعز القوى، دون إنكار الأسباب الأخرى، وقد كتبنا بشكل أوسع عن هذا الموضوع في مقالنا السابق (توماس هوبز في العراق).
في الختام فأن ما نعانيه ليست مسألة تقع ضمن منطقة التنظير فقط, لكي يتم التشبث في خياراته, بل هي أعمق تتجذر في نواحي عدة, كما أن التركيز على هذا الأمر دون غيره, يقع ضمن ما يمكن أن نطلق عليه القفز بالزانة على الأسفلت.