المسرح هو مشغل الأسئلة ومعمل التجديد

0

جريدة النشرة : حليمة باهي / الدار البيضاء

 

إذا كان المسرح يعد ملتقى التداول والأجرأة وتفكيك الأسئلة وإعادة بنائها وتشغيلها عبر آلية مختبرية للمعرفة كلها والتحاور في شأنها نحو الإسهام في الدينامية التي يقصدها التجديد في المسرح ولأجل المسرح وبالمسرح، وإذا كانت خشبته بيتا للتعبير الفني عن مختلف القضايا المجتمعية، فإن الهيئة العربية للمسرح بالشارقة جعلت من أولوياتها الأساسية في جل مبادراتها الثقافية والمهرجانية تنظيم في كل مناسبة مهرجان مؤتمرا فكريا غنيا بالندوات التفاعلية والمساءلات العلمية والعملية، وذلك خلال كل دورة من دورات مهرجان المسرح العربي في قطر من أقطار العالم العربي، ولكون اللقاءات والمؤتمرات الفكرية تعد بمثابة مختبرات علمية لها آلياتها وأدواتها العلمية لاستخراج أسئلة وتفكيك أخرى والاشتغال بآفاقها المنتظرة.

قد أصبح المسرح المعاصر والحديث الآن وخصوصا المهرجان الذي تقيمه الهيئة العربية للمسرح يطرح الأسئلة والتجارب، ويخاطب المستجد والجديد في هذه التجارب، ولهذا الأساس فإن لقاءاته وعروضه تكون نوعية في الشكل والمضمون، وضمنها مؤتمراته الفكرية، وفي هذا الإطار تنظم الهيئة العربية للمسرح بمناسبة مهرجان المسرح العربي الذي تقيمه في الدار البيضاء/ المغرب من 10 إلى 16 يناير 2023 برنامجا فكريا، والذي يضم مجموعة من المحاور الأساسية واللقاءات الفكرية لمساءلة الحساسيات الجديدة في تجربة المسرح العربي علميا وعمليا، تقديرا لجهد الفنانين المسرحيين المغاربة في نضالهم وتاريخيهم الإبداعي لتأصيل المسرح المغربي خاصة ومواكبته لتجربة المسرح العربي عموما بحثا وتجديدا وتطويرا وإبداعا، حيث أضاءت كل الأجيال المسرحية المغربية عتمة المسارح العربية والمغربية بانجازات متعددة، كما ألفوا كتبا وأبحاثا ونظريات علمية متنوعة حول المسرح المغربي وضمنه المسرح العربي.

هذا وتستثمر مدة البرنامج الفكري زمنا مهرجانيا في خمسة أيام من 11 إلى 15 يناير 2023 من أيام المهرجان، كما ستخصص لهذه المؤتمرات الفكرية الفترات الصباحية داخل مقر إقامة وفود المهرجان، وفعالياته هم المبدعون أصحاب التجارب والحساسيات الجديدة، والمشاركون هم النقاد والكتاب والمهتمون وأهل الفكر المسرحي؛ حيث ستناقش الحساسيات الجديدة في المسرح المغربي، وهي إشارة إلى أن هذه الحساسيات هي وليدة تجارب مؤسسة سابقة تأصيلية، ومناقشتها ستروم إحدى الجانبين إما الاتفاق وتتميم الرسالة وإما القطيعة وتأسيس تجربة أخرى، وتبقى دائما التجربة المؤسسة تجربة أساسية وهي التي دفعت بالتجربة إلى أن تطور أو يشتغل على منوالها، وبهذا تصبح هذه الحساسيات تقود بدورها مرحلة يمكن أن تتطور فيها التجربة أو يتم تجاوزها أو يتم إغناؤها هي الأخرى، فنقاش الحساسيات هو نقاش التجربة واستمرارية الإبداع، وهذا أمر أساسي يشتغل في ظله البعد من المهرجان الذي تقيمه الهيئة العربية للمسرح.

بذلك فإن طبيعة تداول هذه المؤتمرات الفكرية للمهرجان ستكون ذات طابع علمي خالص؛ إذ أن لكل ندوة مسيرها، والمتدخل الذي يمثل التجربة الحساسية، والمسائل الذي يحاور التجربة، والمقرر في الجلسة، والمقرر العام، والمعلقين على هذه التجارب، ينشط هذه اللقاءات الفكرية ثلة من أصحاب التجارب والعروض المسرحية، خاصة وأن التجارب التي تناقش كلها تجارب شبابية مغربية، يمثلها مبدعون، ونقاد، وكتاب، وأكاديميون، وإعلاميون متخصصون…

هذا وتجدر الإشارة أن الهدف المركزي لهذه المؤتمرات الفكرية للمهرجان هو الخروج بأوراق علمية تنزيلا للشعار المركزي أن “المسرح مشغل للأسئلة ومعمل للتجديد”؛ لكون المسرح يطرح الأسئلة التي تتناسل وتخلق اشكالياتها، وتخلق أفق انتظار نحو التطوير خدمة للإبداع، وهو مشغل للأسئلة ويشتغل فيها ومن خلالها، لكونه مختبرا ومعملا للتجديد.

 

Leave A Reply

Your email address will not be published.