المغرب بلد التناقضات والجمع بين النية وقلة النية … الجزء الثالث

0

جريدة النشرة : د. عبد اللطيف سيفيا

 

بقية الحديث … والمريب فعلا ، هو أن هذا الأمر الاستغلالي اللاإنساني لم ينحصر فيما تمت الإشارة إليه فقط ، بل إن الجشع والطمع أعميا بعض المخلوقات الآدمية التي تستبيح لنفسها الاستمرار في الاتجار في تعاسة الناس كما هو حاصل لدينا بهذا البلد السعيد ، ومحاولة سد جميع المنافذ المعيشية والحيوية المصيرية على أبناء هذا الوطن باستغلال هذه اللوبيات نفوذها ومناصب المسؤولية التي يستحوذون عليها ليتحكموا في زمام الامور وجعلها تصب في مصالحهم الخاصة دون غيرهم ، ولو كان ذلك على حساب البلاد والعباد ، مثلما حدث بالنسبة لارتفاع الاسعار بالمغرب ، هذه الفاجعة التي أصبحت تلهب جيوب المواطنين الذين انكووا بها ودفعتهم للبكاء على حظهم التعس الذي رماهم بين فكي غول مارد لا يرحم ، بحيث أن ارتفاع الاسعار هذا قد أعزته هذه اللوبيات إلى المضاربين الذين اتهمتهم بالتحكم في السوق لتبرئ نفسها من أسباب الارتفاع الحقيقي للاسعار في المواد الغذائية كالخضر والفواكه وغيرها ، بينما يتبين أن السبب الرئيسي لذلك هو ارتفاع أسعار المحروقات بكل أنواعها التي يتحكمون في أسواقها والاستثمار فيها ، مما أثر بدوره على ارتفاع أثمنة خدمات وسائل النقل والتنقل بطريقة صاروخية  ، خاصة وأن فضيحة مدوية طفت على السطح هذه الايام تفيد أن جهات مغربية مسؤولة تستغل الحصار المفروض من طرف الولايات المتحدة والدول الأوروبية على روسيا لتستورد كميات خيالية من البنزين الروسي بأثمنة بخسة جدا لتوزعه داخل البلاد بأسعار مرتفعة بكل وقاحة وغياب ضمير وطني وإنساني وتقوم بتصدير الباقي إلى الخارج .

كما أن الأيام الاخيرة شهدت المزيد من التصرفات المشبوهة التي يتعرض لها المواطنون المغاربة ويتعلق الأمر في استيراد جهات معينة لعدد كبير من الابقار المشكوك في نوعيتها وصلاحية استهلاك لحومها ، وتجدر الإشارة إلى أن هذه الصفقات مع البرازيل في هذه الانواع من الابقار كانت قد أبرمتها البرازيل مع عدد من الدول الاخرى كالصين وتركيا وإيطاليا مثلا …  إلا ان هذه الدول كلها قامت بإلغاء هذه الصفقات بعد شكها في سلامة وصحة هذه الابقار ، مما جعل البلد المصدر يعرضها على المغرب بأثمنة جزافية أسالت لعاب المسؤولين ليتهافتوا عليها لتزويد السوق الوطنية بلحومها ، دون التفكير في عواقبها وسلبياتها على صحة المواطنين المغاربة في ظل ارتفاع أسعار اللحوم عندنا واستغلال المسؤولين ، أصحاب قلة النية ، لهذه الظروف القاسية التي ينكوي بها المغاربة ، دون الاكتراث بمصير أي كان وما قد يحل بهم من أضرار وكوارث ، مما يؤكد أن لوبيات المال والاعمال تواصل تكريس الطمع والجشع دون مبالاة بالصالح العام ونهجهم المستمر للمثل القائل ” شافوا الربيع ما شافوا الحافة … وهكذا يمكن أن المغرب القول أن المغرب هو بلد التناقضات بامتياز ، والجمع بين نقيضين  “النية “التي يطمح اصحابها ذوي التيات الحسنة إلى رفعة الوطن واحترام مرتكزاته ومقدساته ورموزه ، وعلى رأسهم ملك البلاد وحاميها ، وبين وقلة النية التي ليس لأصحابها من أهل النيات السيئة إلا السعي وراء أطماعهم واستغلال ثروات البلاد التي يلهثون خلفها وتسيل لعابهم والسير في الاتجاه المعاكس لمصلحة البلاد والعباد ، دون مراعاة لتعليمات صاحب الجلالة الذي لا يدخر جهدا في خدمة وطنه وشعبه ، في حين أن من ائتمنهم على هذا البلد السعيد يترصدون لفرص الانقضاض على خيراته وحصدها حبا وتبنا و”هيشرا ” بالعلالي ،  … وما خفي كان أعظم … وللحديث بقية .

Leave A Reply

Your email address will not be published.