هل غلطة فتح صفحة جديدة مع النظام السوري ستزيد من تقوية صفوف العرب أم أنها ستزيد من تعميق الأزمة بينهم؟

جريدة النشرة : د. عبد اللطيف سيفيا

 

حظي موقف قطر بمغادرة أميرها مؤتمر القمة العربية المقام بجدة بالمملكة العربية السعودية مباشرة قبل إلقاء رئيس الجمهورية العربية بشار الأسد كلمته في الافتتاحية بتفاعل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي تحت شعار ” لا تطبيع مع النظام السوري قبل إيجاد حل عادل ينصف الشعب السوري ، هذا الموقف الذي زكاه امير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بانسحابه من القمة العربية.

وقد جاءت كلمة الرئيس السوري في إطار انطلاق أعمال القمة العربية 32 في جدة ، بحيث يعتبر الحضور السوري الاول من نوعه بعد قمع دموي قاده نظام بشار الاسد ضد شعبه الأعزل لتعلق على إثره عضوية النظام السوري في الجامعة العربية مما دفع بالنظام القطوي إلى الحرص على إيقاف معاناة السوريين والإلحاح على حل الأزمة كاملة قبل إعادة ربط أي علاقات مع النظام السوري .

كما أن الأمر لم يقف على هذا الحد ، بل كلمة بشار الأسد كان قد علاها شيء من التوبيخ والتحرش بتركيا  التي قدح من خلال مداخلته النظام العثماني ووصفه بالتوسعي …

فهل هي غلطة فتح صفحة جديدة للعرب مع النظام السوري والتغاضي عما اقترفه من جرائم إنسانية في حق شعبه بلا رأفة او رحمة وبين مواقف عربية لا تريد بعض الدول والأنظمة العربية اجتيازها والعفو عنها ؟ وهل فعلا جميع الدول المؤتمرة راضية على ذلك وتقبل الصفح عن النظام السوري فيما اقترفه ، أم أنه نفاق سياسي ، ونحن نؤمن بأن ما بني على باطل هو باطل؟
وإلى أي مدى ستؤثر هذا التصرفات المتناقضة على مجريات هذه القمة العربية التي جاءت بمنظور جديد حول تقوية الصفوف العربية وتفادي الخلافات وإذابتها للتوصل إلى مواقف جمع الشتات وترك الخلافات جانبا ، هذه الخلافات التي حاولت دون جمع الشمل العربي ووسعت الهوة أكثر في حين أن العرب الذين تجمع بينهم العديد من الأمور كاللغة والدين والعادات والتقاليد والتقارب الجنسي والحدود السياسية والجغرافية والأفكار والطموحات و التي إن تم الاعتماد عليها لحققوا أكثر ما حققته شعوب أخرى كأوروبا وغيرها التي لا تجمع بينها أدنى المقومات التي تحظى بها الدول العربية وشعوبها وأولاها اللغات المتعددة والأجناس المختلفة والشعوب المتعددة والأنظمة المختلفة ، ورغم ذلك تمكنت هذه الأنظمة الغربية من النجاح في خلق تكتلات سياسية كالناتو والأطلسي ، واقتصادية كالسوق الأوروبية المشتركة ، ومالية كالأبناك الدولية وصناعية كالمتروبولات العالمية ، ودبلوماسية وعلمية … كالمؤتمرات الأوروبية وغيرها ، مما جعل هذه الشراكات المتنوعة والمتعددة تمكنهم من الريادة في جميع المجالات وتخلف منهم قوة عالمية يضرب لها ألف حساب وحساب ، وجعلتهم يتربعون على عرش الريادة العالمية رغم العديد من النواقص التي تعاني منها هذه الدول الغربية والتي استطاعت تجاوزها وحلحلتها بطرق عقلانية ، وخاصة الثروات الطبيعية و المواد الخام التي تفتقر إليها والتي كبرت أمرها في الحصول عليها بطرق أو بأخرى كالذهب مثلا التي تتربع على عرش الرصيد العالمي منه … ومن أين…؟ وتمكنها من توفير كميات كبيرة من مواد ومعادن أخرى حيوية تعد عصبا قويا للحياة الاجتماعية والاقتصادية والصناعية والبحث العلمي و… كما هو الغاز والبترول والفوسفاط واليورانيوم … وما خفي أعظم .
في حين أن دولنا وأنظمتنا العربية المحترمة لا تكاد تعلن عن رغبتها في تنظيم أعمالها السياسية وغيرها إلا واحدها في شنآن وطي لكل مجريات التوافق وفض مؤتمرات التعاون لأبسط الأمور الاختلافية والتنظيمية التي تعود إلى حسابات إيديولوجية ضيقة وفارغة تعبث بمصير أمة عربية تنتظر منهم حلولا مناسبة وجادة للسير بها في مسار التنمية والرفعة والتقدم والازدهار … لنجد أن حليمة تعود إلى دارها القديمة ويتم إحياء المثل القائل أن العرب اتفقوا على ألا يتفقوا ، فمتى سيصحو العرب من سباتهم ويتركون كل ما يفرقهم ويبعدهم عن التفرقة والستان ويسعون إلى جمع شملهم ليشكلوا قوة ضاربة فعلا تجعلهم يفرضون وجودهم بقوة ويردون الاعتبار لبني جنسهم ويضعوا أقدامهم في الصفوف الأولى من درجات الريادة ، خاصة أن كل شروط الريادة متوفرة لهم بما حباهم الله من ثروات طبيعية متنوعة كثيرة ومتكاملة وطاقات بشرية وفكرية هائلة ، ولا تنقص إلا العزيمة الصادقة… وهل غلطة فتح صفحة جديدة مع النظام السوري ستزيد من تقوية صفوف العرب أم أنها ستزيد من تعميق الأزمة بينهم وتجعل وتعصف رياح الياس بكل طموحاتهم وأمانيهم وتجعل أحلامهم مهب الريح؟ … وللحديث بقية .

About Abdellatif saifia 7118 Articles
الدكتور عبد اللطيف سيفيا

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن




5 + 1 =