بادرة الأطلسي تفتح على الجزائر باب جهنم
جريدة النشرة : نور الدين زاوش
منذ أن أعلن جلالة الملك، في خطاب المسيرة الخضراء الأخير، عن مبادرة فتح الواجهة الأطلسية في وجه بلدان الساحل المعزولة عن البحر، حتى جن جنون النظام الجزائري المجنون أصلا، وانطلق يخبط خبط عشواء أكثر مما تَخَبَّطه طيلة نصف قرن، ووجه فوهة بندقيته المُتصدئة بلا بوصلة أو اتجاه؛ لأنه فطن أخيرا أن أيامه باتت معدودة لا تسعفها حيلُه البليدة، ويده قصيرة لا تكاد تؤذي إلا شعبه المقهور والمغلوب على أمره.
لقد بات واضحا للجميع أن لا وظيفة لنظام العسكر في إفريقيا سوى تفتيت عضدها، وتشتيت وحدتها، ومناهضة مصالحها الاقتصادية والصناعية والسياسية؛ وأنها مجرد درك بئيس لفرنسا في المنطقة، ومجرد عين خسيسة ترفع التقارير لولي نعمتها المتغطرس، وتنفذ أوامره بلا قيد أو شرط، والأكثر من ذلك أنها تفعل ذلك وهي في قمة الفرح والاستبشار وكأنها تقوم بأنبل وظيفة في التاريخ.
ولا أدل على ذلك، أنه بمجرد ما تم طرد عسكر فرنسا من مالي، حتى قامت عصابة “الكابرانات” من إجراء تغيير الدستور كي يسمح لعسكره المتآكل أن يقوم بعمليات خارج البلاد؛ مما يعني أن هذا القرار كان بأمر مباشر من “ماما” فرنسا راعية النذالة والخسة، وأن عسكر المرادية إنما هو امتداد طبيعي لعسكر الإليزيه في إفريقيا؛ الشيء الذي يفسر إهداء خوذة العسكري حامي فرنسا إلى شنقريحة إثر زيارته لها، أمام مرأى ومسمع الجميع، وبدون أن يشعر، هذا الكائن العجيب، بأي امتعاض أو أدنى حرج وكأنما يتلقى جائزة من جوائز نوبل في السلام.
ومن مظاهر هذا الجنون الذي حيَّر الألباب وأدهش العقول، أن تطلق هذه العصابة، هذه الأيام، لسان إعلامها الرسمي السليط لكيل الاتهامات لدولة مالي الشقيقة، وشتم شعبها العريق، بعدما فطنت هذه الأخيرة، مثلما فطن الجميع، إلى الدور الخبيث الذي تلعبه الجزائر في رعاية نبتة الانفصال في بلدها وفي إفريقيا على العموم، ونشر بوادر الفرقة والتشرذم؛ وهو دليل على الإفلاس الدبلوماسي الذي بلغته هذه الطغمة الحاكمة، أضف إليه تصريح وزارة خارجيتها بإيقاف القروض الوهمية التي كانت تنوي توجيهها لدول الساحل، في خطوة تبدو عقابية للدول التي انخرطت في مبادرة جلالة الملك حفظه الله.
العجيب في الأمر، أن بلدا مثخنا بمظاهر التخلف والانحطاط في شتى المجالات بلا استثناء، ومتقهقرا في كل الميادين بلا منازع ولا منافس، بلدٌ يسبق لسانُه عقلَه بمليارات السنوات الضوئية؛ هذا إذا كان له عقل أصلا، لا يرف له جفن وهو يدّعي ما ليس فيه رغم معرفة الجميع بحقيقته؛ ورؤية الجميع لملحمة الطوابير الخالدة التي صارت تنتج شهداء العدس والحليب؛ ومن الراجح أن يضاف عدد هؤلاء لعشرات “ملايين” شهداء “الثورة” الجزائرية، حسب ادعاءاتها، في أفق بلوغ مليار شهيد.