قصيدة : كؤوس الدفلى لمغص الوهمِ….

0 8

جريدة النشرة : عبد اللطيف رعري / مونتبوليي بفرنسا

 

أفرم ٌهذا الذّي بيننا

ُيمازحُ قطعةْ شُكولاطة…

تملأُ قعرَ الفمِ….

يداهمُ دميتهُ  كلما شاءَ  يُلقيها في النّهرِ

وينتظِرها عندَ المصَبِّ…

 

                   مع المجرى

أعواد الثقاب لا تصلُ مشتعلة

لكنَّها تحرقُ الغابة

 لولا رؤوسها لقلنا الغابة تأكل نفسها…

 

َبعيداً عنْ أثرَابِ المِحْنَةِ أرى نصفَ جدارٍ يداري ألمَ السِّنين

 أرى انهيار الأقبية….

 وتفشِّي الخطر الأحمرِ اللَّعين

 

ضد  التيّارِ تغرد عصافيري

لا تداري لي حزناً ولا فواتاً للأملِ

         لكنِّي

 أنا من صنعَ لها فخاً من قصبٍ

 

ساعاتي عكس الزمن ..

تشيرُ عقاربها لأفقٍ أعور

 وما بيدي غير نصف عكازتي

وخاتمي ذكرى انتقالي لِلجنون…

 

مزهرياتي تموتُ بالبردِ..

تنتحرُ عدد أوراقها …

عدد أشواكها…..

عددَ قطرات النَّدى التِّي تحتاجها

 

نوافذ العالم مغلقة  …

لم تعد تأنُّساً  لِلحمام…

المِشْرَبة  الطينيَّة على ظهرهَا

والمعلفة تحتَرقُ بقمْحها…

 

الجميلات يرشقن كازانوڤا بالحجارة …

ولا واحدة تشهَّتْ موتهُ الآن…

 

ڤانغوغ في غاية الثَّمالةِ..

 يحفرُ لوحتهُ بإزميلٍ منْ برونزْ…

وعيْنَاهُ مُعلقَتانِ في سُعْفَةِ نخلة..

 

الشَّمسُ تطلُ منْ شق المتاهة

 تجرُّ عورتها للبرودة

وما وراءها غير قمر يحترفُ التسوّلَ

    

                 الأفرمُ…!!!

هامتهُ البهلوانيَّة تلتَصقُ بالبلل

  لم تزده صلابة   

هو في الأصلِ لا يختلفُ عن الأطيافِ التّي تكرهُ الضوءَ   

يتماهَى في منصَّةِ الوهْمِ… 

وقد تخلَّى عنْ طُفُولتهِ لينخرطَ في صنعِ أدْراجِ للتَّيْهَاءِ

 

إصعدْ إصعدْ…!!!

 

يا أفرم

 كُلُّنا هُنا نعضُّ على فراغِ اليدِ

نتهيَّاُ لموسِمِ الهُرُوبِ

على ظهرِ سحابةٍ إحْدَودَبتْ في مَهْدِها…

 

كُلُّنا نَنْتَعِلُ شَظْيَةَ بأقْدَامِنا

نَدُسُّ فِيهَا تداعِيَّاتِ العذابِ…

 

كلنا حَملةَ وعدٍ

نمَنَّي بهِ المستحيل…

حَمَلةَ وعيدٍ

للعودة مِنْ وراء المغيبِ…

 

إصعد إصعد..

لِعِلِّيِّ الإمتياز جنباً للكواكِبِ والأجرامِ

بلسانٍ أطولَ من عذبات مطلعِ الأنينِ…

أطول من لسانِ أمِّ هانَةْ الخلدونيَّةْ

وهي تكسر جرَّة القاضي

 في حضْرةِ السُّلطانِ

ماشيةً على شَوَّاطٍ

تتأبَّطُ قامُوسَ الشِّعرِ والبَيانِ

َراحتْ تتشكَّى للعِيانِ…

 

الشوكولاطة سيدي القاضي مزَّت علقماً ومرارةْ…

ألقوها ياسادة

 ويا كرامْ في النَّهرِ…

ألقوها ففي القلب غصَّة الضياعِ

خدعة هي الشكولاطة

 عقار للموتى

 هي شَركٌ اسطواني توحي بالبقاء 

برأس يشتعلُ عيباً

 

هذا الأفرم كالحكيم والعجوز

لا هو بهلوانٌ  يخْرِجُ منْ  قُبَّعَتهِ حمامةَ عشقٍ

 لا هو مروّض أفاعٍ في سيركِ التغريب والمغرَّباتِ

 لا يحتَرفُ تنْويمَ المجسَّمَاتِ

 كلَّ الكلمات يحنطها في جيبٍ أعمق من خياله…

يصفعُ الرِّيح بعرضِ عمامته

 كما

يحفّ النّهار بظهرٍ تنمقهُ نذوبُ التَّعبِ…. ولك أن تعدَّ الموتى باللاحسر….

ولك مِغْرَفَتُكَ لتلْعَقَ البحرَ …

ولكَ شئْتَ أو لا تشأ

 طلَّة مِنْ وراءِ الحَائطِ  قبل انهيارِ جبلِ الثَّلْجِ…

ولك تابوت من ماء بحجم  الغَرقِ

 ولك لهبة تحرق ما لا يحرق …

ولك قول التّي تاهتْ في عماكَ

وما أبصرتْ

الاَّ وجهكَ

المحْمومِ

 

فقطْ أفرم ٌهذا بيْنَنا

يقتربُ بحبوِ الرُضّعِ 

بغرفةٍ تنامُ فيها عتمة عارية

تضاجعُ شبحاً بالقوة …

تتحركُ بداخلها وجوه غير مهيّأة للصواب..

  أكلتْ ظلال الأرصفةِ….

وليَّلتْ زقاق العمر للأبد…

ستلدُ حتماً شبه أشباحٍ

نصفَ رجالٍ

إرْمَافْروديتيون

لا صنيعَ لهُ بفشل اليدين

    ينسجُ منْ رضابهِ سلَّة فضفاضة لشهوته…

يتكمَّّشُ كالمصعوقِ بحبلِ غسيلٍ تركته العاصفة على حافة بئرٍ…

يتلوَّى كالموجعِ ألماً وبلوى

             يتقرفص …

            ينبطحُ شراً وقتلى …

            يتهجَّى ألمهُ بشفر العينِ…

يبلعُ كأس حرمل ،ثمَّ آخرَ بالدفلى ..

وخزةٌ وخزتانِ لقلبٍ لا يتحمَّل

ويقول للموت هيا هيا …

رعْشٌكِ فوقَ رتاج البوابة

نعشكِ يحمل كآبةْ  

قرشك نحاس صدأته الرتابةْ….

فرشُكِ صوف كانت عليه الأنابة…

 

ويقول للغابة مرحى مرحى

 أعوادك سريرٌ للدّعابَة

 وظلّك وحدهُ خلوتي …..

 

Leave A Reply

Your email address will not be published.