تكريس البنك الدولي لسياسة التفقير على الدول الافريقية وفرضه تكليف شركات دولية باستثمار ثرواتها الطبيعية
جريدة النشرة : د. عبد اللطيف سيفيا
بقية الحديث … إنه أقسى ، من قساوة ، أوجه تكريس الدكتاتورية ومؤازرة الاستعمار وتشجيع التسلط وتبني الابتزاز في حق الدول الافريقية المستضعفة ونهب خيراتها وثرواتها الطبيعية بطرق تعسفية واحتيالية ماكرة لاستغلال هذه الثروات من طرف الأنظمة المستبدة والاستعمارية عن طريق مؤسساتها وأذرعها الاقتصادية والصناعية التي تكرس سياسة بلدانها الأم ، وما يلزمه النظام الدولي الجديد في نهب ما تزخر به الدول الافريقية من معادن ثمينة مختلفة ومتنوعة ، محاولة السيطرة على حصة الأسد منها وترك الفتات الذي لا يسمن ولا يغني من جوع لذوي الحقوق ، حتى يظلوا تابعين خانعين لمن هم أقوى سلطة وأشد مكرا ، مثلما حدث بجمهورية الكونغو ، حسبما جاء على لسان رئيس كونفديرالية الشركات “الباطرونا” بالكونغو ، والتي تكالبت عليها المؤسسات الصناعية والاقتصادية الاستعمارية الأجنبية بأمر وتوجيه مقصود من البنك الدولي الذي أباح لحوالي خمس شركات التمادي في استغلال ثروات هذا البلد الافريقي الغني بالمعادن النفيسة كالنحاس والكوبالت وغير ذلك من الثروات ، بحجة أن هذا البلد فقير لا تتوفر لذيه الإمكانيات المالية والوسائل الضرورية لذلك ، وغير قادر على الاستثمار في هذا المجال الصناعي ، مما يلزم ضرورة قيام هذه الشركات بهذا الدور ، لتتقدم هذه الأخيرة “أي الشركات الاجنبية المقترحة” بوضع طلبها مرفوقا برهن هذه الثروات والمعادن المراد الاستثمار فيها لدى البنك الدولي ليزودها بالمال الكافي لذلك ، وعوض أن تدخل هذه الشركات برؤوس أموالها الخاصة ، فقد استدانت أموالا طائلة على حساب دولة الكونغو التي ستجد نفسها مثقلة بالديون و مجبرة على قضاء الدين بنسبة أرباح عالية تصل إلى 10 بالمائة ، عوض 2 أو 3 بالمائة مما يشترطه البنك الدولي عادة على المدينين من الدول ، لتبقى غارقة في مستنقع الفقر ومصدرا للاغتناء الفاحش للمستثمرين فقط والمصادرين لخيراتها هذه والتي تتضح من خلال أرباح خيالية لشركة واحدة من هذه الشركات ك “RDC” المستثمرة في الكوبالت والنحاس والتي صدرت إلى الخارج حوالي 1.000.000طن من النحاس و 1.00.000 طن من الكوبالت التي تتراوح قيمتها ما بين 18 و 20 مليار دولار ، هذه الثروات التي استعملتها دول أخرى غربية ، وعلى راسها فرنسا ، في بناء صناعاتها واقتصاداتها ومجتمعاتها وحضارتها ومراكزها السياسية والدبلوماسية على أسس قوية تمكنت من خلالها احتلال المراتب الأمامية في التقدم والريادة والمنتديات العالمية والمجتمع الدولي . فاستطاعت هذه الدول الاستعمارية أن تخلق لها منتديات وأحلافا احتكارية قوية تتحكم في مصير الدول المستضعفة وتضع لها برامج ومخططات تسير وفق مصالحها الخاصة وأطماعها المادية والٱيديولوجية أحادية الجانب والمبنية على الاستبداد والاستعباد والاستغفال والعنصرية المطلقة الملفوفة والمنمقة والمزينة بمساحيق التجميل المتمثلة في مبادئ التحضر والتقدم والديمقراطية والمساواة وحقوق الانسان والانفتاح على حضارات العالم والسلام والأمن الدوليين والتعايش بين الشعوب والأمم والدول والتعاون البناء والتكامل ومسايرة العصر والحفاظ على البيئة وتسخير الطاقات بشتى أنواعها في خدمة الإنسانية والعالم … كل هذا يبقى مجرد ذر الرماد على العيون وسياسة لاستغفال ذوي النيات الحسنة واستغلالهم في الترويج لأكذوباتهم وألاعيبهم تبعا لفكرة لعبة الحياة التي يؤمنون بها ويعملون على تكريس مفاهيمها ونشر أفكارها وتأصيل مبادئها المبنية على المادة مع إقصاء كل ما هو روحي وأخلاقي قطعا لإدخال بني البشر في عالم لا يخضع إلا لما هو مادي صرف لا يؤمن البثة بما ألف العيش عليه من مبادئ أصبحت متجاوزة وغير صالحة للاستهلاك في هذا العصر التحرري انطلاقا من وضعية الصفر والذي لا نعلم بما تختزنه لنا الظروف والزمن من مفاجآت تصدم الإنسانية أكثر مما يمكن تصوره أو يخطر على بال يشر وهذا ليس إلا قطرة مما فاض به محيط الفساد الدولي الذي يكرسه الاستعمار بطرق او باخرى لابتزاز الدول الإفريقية التي بدأت في الانتفاضة ضد جميع أوجه الاستغلال السياسي الاقتصادي والثقافي والاجتماعي … وخير دليل على هذه الانتفاضة الواعية والمسؤولة ، ما حدث بين العديد من دول الساحل التي خرجت من القمقم الذي مكثت في طويلا لتعبر رشدها وعدم قصورها أمام الأطراف الأخرى التي استغلت نيتها الحسنة في التعامل والاستفادة المتبادلة وليس تلك التي تعتمد على مبادئ الاستعمار والابتزاز والعنصرية مثلما صدر من دولة فرنسا لترفض كل رابط أو شراكة معها أو مع مثيلاتها الاستبدادية … وللحديث بقية