المغرب الحديث..إلى أين في ظل انتشار المثلية والدعوة إلى العلاقات الرضائية …؟ الجزء الثالث
جريدة النشرة : د. عبد اللطيف سيفيا
بقية الحديث … بل عكس ما يلزم ، أصبحنا عوض تشجيع الظواهر الصحية التي تخدم البلاد والمجتمع وإعطائها حقها في القيام بمهامها وواجبها في الدفاع عن مؤسسات البلاد ومحاربة الفساد وفضح كل فاسد ومخل بالنظام وردعه ومحاسبته في إطار ربط المسؤولية بالمحاسبة ، فإننا أصبحنا نعيش نوعا من التضييق على الحريات الإيجابية و أصحاب النيات الحسنة والروح الوطنية ، قصد تكميم افواههم وصدهم عن مواجهة الحقائق والدعوة إلى الصلاح والإصلاح ، من خلال شخصيات إعلامية كثيرة تعددت مواقف ردعها بقساوة تفوق التصور … في حين يتم تشجيع مظاهر غير مشروعة متلبسة بمحاولة إعطائها صفة الشرعية حسب اهواء أشخاص مسؤولين في الدولة ، رغم موقف القانون المغربي الصريح في تحديد عدم مشروعيتها كقضية ما يعرف بالعلاقات الرضائية ، التي يعرفها القانون بأنها علاقة جنسية خارج الإطار الشرعي للزواج ، بحيث ينص الفصل 490 من مشروع القانون الجنائي المغربي على أن كل علاقة جنسية بين رجل وامرأة لا تربط بينهما علاقة الزوجية تكون جريمة الفساد ويعاقب عليها بالحبس من شهر واحد إلى سنة ، الأمر الذي يدعو إلى الدهشة والاستغراب من عكسية المواقف بين إحلال الحرام وتحريم الحلال وشرعنة اللامشروع ، بالإضافة إلى ما دعا إليه وزير العدل الحالي أيضا في شهر ماي الماضي إلى التخلي عن شرط الإدلاء بعقد الزواج للإقامة في الفنادق ، معتبرا أن هذا الأمر غير قانوني ويعد تدخلا في الحياة الخاصة للأفراد ، لتخلق دعوته خطأ موازيا مع الجدل القائم حول العلاقات الرضائية ، الأمر الذي وصف بدعوة إلى تشجيع صريح على الفساد والزنا داخل الفنادق ، والذي يعاقب عليه القانون المغربي بصفتنا نعيش تحت ظل بلد إسلامي ، تحت إمرة أمير المومنين الملك محمد السادس ، الذي خرج بعد جدال طاحن بين هذا الوزير والعديد من علماء الدين المغاربة والمفكرين والباحثين وجمعيات المجتمع المدني الرافضين لما يدعو إليه الوزير ، ليجيء خطاب الملك مؤكدا بانه لا يمكن التلاعب في مثل هذه الأمور من خلال مضامين الخطاب الملكي السامي الذي ألقاه جلالته بمناسبة عيد العرش ، حيث تطرق الملك صراحة إلى الموضوع مؤكدا موقفه فيما يخص مدونة الأسرة على أن مضامينها تهم الرجل والمرأة على حد سواء ، وان جلالته لا يحل حراما ولا يحرم حلالا ، مما يؤكد أيضا ان المغرب دولة إسلامية وأن دين الإسلام ثابت من ثوابتها ، وليس كما زعم بعض زعماء الأحزاب وأمنائها بعد استحقاقات الانتخابات الأخيرة ، التي لم يجن من ورائها بلدنا العزيز إلا الويلات والكوارث المتتالية ، مصرحين بكل تبجح ودون حياء أن المغرب اختار أن يكون دولة علمانية حداثوية .
ليؤكد خطاب الملك مرة أخرى وبالواضح أن المغرب لن يقنن أو يعترف بالعلاقات الجنسية الرضائية خارج إطار مؤسسة الزواج ، أو أن يسمح بممارسة الفاحشة الجنسية بكل صورها ، فلن يحلل المغرب ملكا وشعبا ما حرمه الله ولن يحرم ما أحله سبحانه وتعالى ، فالحلال بين والحرام بين…
كما أن هذا الأسبوع عرف وقفة احتجاجية من طرف الهيئات السبعة عشر للمحامين الممثلة لجميع ربوع المملكة بدعوى استنكارهم ورفضهم لما أسموه بالردة التشريعية التي يعرفها قانون المسطرة المدنية والتي سبق لهيئات المحامين ان تقدموا بمجموعة من التعديلات التي تخصها ولكن لم يتم الأخذ بها ، ليتبين لهم ان وزارة العدل ماضية في تشريع غير ملائم ولا يستجيب لتطلعات ومصلحة المواطن … والأمثلة كثيرة ومتعددة فيما تعيشه البلد من متناقضات ومحاولات جاهدة لأطراف متعددة تتبع أجندات لا تسير أو توافق ومرتكزات البلاد والعباد والمصلحة العامة والمكتسبات التي حققتها المملكة المغربية الشريفة… .
فإلى أين يتجه المغرب الحديث في ظل كل هذه المتغيرات والامور الدخيلة على مجتمعنا واصولنا وهويتنا وثقافتنا ، التي تنتشر انتشار النار في الهشيم كالمثلية مثلا ، والدعوة إلى العلاقات الرضائية وغيرها من تبني الحالات المقززة هذه وإكراهاتها وتبعاتها وتأثيرها على عاداتنا وتقاليدنا وتشبتنا بديننا ، وما تم تحقيقه من مكتسبات هي مصدر اعتزازنا وافتخارنا بالانتماء إلى هذا البلد الشامخ المتحضر والمنفتح على حضارات الشعوب الأخرى …؟
ترى هل سنبقى مكتوفي الأيدي امام هذه الخروقات والاختراقات المقصودة والممنهجة التي ترمي إلى النيل من مجتمعنا وبلادنا ومؤسساتنا والنسف بهويتنا وعاداتنا وتقاليدنا وثقافتنا وديننا ومكتسباتنا التي نعتز بتحقيقها ونفتخر ؟
هل سنتقبل ضياع كل هذه الثروات المادية والروحية الثمينة التي تعتبر غنى لا يضاهى او يقارن ، ونفرط فيه وننتظر أن يحل بنا غضب الله مثلما حل بقوم لوط ليصح علينا قول الله تعالى ” (وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُواْ أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ)، ويخبرنا الله تعالى عما حل بهم من العذاب الأليم في الدنيا بقوله تعالى: (فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ)”
إننا لمسؤولون ، كل من موقعه ومكانته ومهمته ، عن كل ما يحدث لهذا الوطن من مظاهر الفساد والتخريب الممنهجين والمقصودين والإتيان على مقدساتنا وعقائدنا وعاداتنا التي يؤطرها ديننا الحنيف الذي اختاره الله تعالى لنا وأمرنا باتباعه كما جاء في قوله الكريم في سورة المائدة ..3 ” اليوم اكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ” صدق الله العظيم … وللحديث بقية… …