الهروب الأكبر نحو الفردوس. الجزء 2

0

جريدة النشرة : د. عبد اللطيف سيفيا

 

بقية الحديث … هذا الامر لم يتوقف عن هذا الحد بل وجد المواطنون الشباب منهم والصغار ، النساء منهم والذكور ، أنهم يعيشون في مستنقع اقتصادي واجتماعي لا معالم لهما ولا عمق ، مما جعلهم يعيشون في المعاناة ويحسون باليأس والإحباط ، خاصة وأنهم كلما التجأوا إلى هيئات سياسية مغربية ليضعوا فيها ثقتهم ويعقدوا عليها آمالهم في تحسين أوضاعهم وإنقاذهم مما هم فيه ، وجدوا الخيبة والازدراء واللامبالاة في انتظارهم من طرف هؤلاء المسؤولين الذين انقضوا على المسؤوليات وحولوها إلى وسائل لقضاء مصالحهم ومصالح مقربيهم الخاصة وخانوا الامانة التي وضعت على عاتقهم وضربوا كل مصالح البلاد والعباد عرض الحائط ، فاتسعت هوة الازمة المختلقة وتغولت تداعياتها في عمق المجتمع المغربي وانتشر الفقر وضاق المواطنون بذلك فلم يجدو بدا من إرسال رسائل مشفرة ومباشرة للمسؤولين يعبرون فيها عن عدم رضاهم عما يقوم به أولي الامر في تسيير الشأنين المحلي والوطني واستنكارهم للاوضاع المزرية التي يعيشون فيها في بلد يفترض أن يوفر لهم أجواء العيش المناسب من كرامة وعزة واطمئنان وأمن وامان وسلم اجتماعي في إطار ما يفرضه القانون ويؤطره دستور المملكة الجديد الذي تم سنه في 2011 والذي جاء في تصديره ما يلي :

“إن المملكة المغربية، وفاء لاختيارها الذي لا رجعة فيه، في بناء دولة ديمقراطية يسودها الحق والقانون، تواصل إقامة مؤسسات دولة حديثة، مرتكزاتها المشاركة والتعددية والحكامة الجيدة، وإرساء دعائم مجتمع متضامن، يتمتع فيه الجميع بالأمن والحرية والكرامة والمساواة، وتكافؤ الفرص، والعدالة الاجتماعية، ومقومات العيش الكريم، في نطاق التلازم بين حقوق وواجبات المواطنة”.

لهذا فإن غياب كل مرتكزات الدستور التي ضمنها للمغاربة في بناء دولة ديمقراطية يسودها الحق والقانون أصبحت حبرا على ورق حين وجد المواطن نفسه تحت نير الظلم في غياب قانون ينصفه ويضمن له حقوقه المشروعة والمهضومة من طرف الاقوياء والمستبدين أمام أنظار المؤسسات المعنية في غياب الحكامة الجيدة المنصوص عليها مع تقويض دعائم المجتمع ونسف أسسه مما يفقده الإحساس بالأمن والكرامة والمساواة وتكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية ومقومات العيش الكريم المنصوص عليها دستوريا في نطاق التلازم بين حقوق وواجبات المواطنة ، الأمر الذي يفضي إلى نتيجة عكسية تظهر في صفة مواقف متنوعة تعبر عن سخط هؤلاء المواطنين ورفضهم لما يكرس عليهم من ظلم وازدراء فيولد لديهم نوع من الوعي بذلك ويصبحون يتحينون الفرص للانتقام ورد الفعل على ما أصابهم من ظلم وجور ، باحثين عن أيسر الحلول لوضعهم وأعيانا لأعسرها في سبيل تحقيق آمالهم وأحلامهم التي حرموا من تحقيقها بطريقة أو بأخرى دون التفكير في تبعات تصرفاتهم التي يرون فيها المخلص الوحيد من وضعياتهم الماساوية التي سئموا منها وكفروا بمسببيها.

والامثلة في ذلك كثيرة ومتنوعة بحيث ان الفساد المستشري في عدد من المجالات ، كل منه ساهم في إيقاظ نار الشك والغضب لدى المواطنين وانكووا بلهيبه انطلاقا من المخطط الاخضر الذي كان وبالا على البلاد والعباد وتسبب في هدر المياه دون أن يعود علينا بأي نتيجة إيجابيه ، اللهم إيجابيته على المصالح الخاصة لبعض اللوبيات التي اغتنت منه وضاعفت ثرواتها على حساب المواطنين ، كالفلاحين الذين تضرروا من هذه المخططات وتركوا اراضيهم الفلاحية وهاجروا قراهم ومداشرهم ، نازحين نحو المدن بحثا عما يقتاتون به وأسرهم ، ليجدوا عدة متاعب تنتظرهم بهده المدن ، فيحاولوا مجاراة العيش بها والتأقلم مهعا حسب الإمكان والمطلوب ، تحت ضغوطات تفوق أحيانا كثيرة قدرة تحملهم مما يزيد وضعهم تأزما ، فتنضاف إلى المدن في هذه الاجواء الجديدة والدخيلة ، حالات اجتماعية سيئة وتتصاعد حدتها كالفقر والهدر المدرسي والبطالة والسرقة والنصب والاحتيال والدعارة والبغاء والشذوذ الجنسي والاتجار في البشر والمخدرات بكل أصنافها والتعاطي لها ، مما يوسع دائرة الإجرام والفساد الاجتماعي … وللحديث بقية …

 

Leave A Reply

Your email address will not be published.