الهروب الأكبر نحو الفردوس الجزء 3
جريدة النشرة : د. عبد اللطيف سيفيا
بقية الحديث … كما أن الدولة رغم كل المجهودات التي قامت بها ، بتعليمات ملكية ، في إطار التنمية البشرية والصناعية والاقتصادية والاجتماعية … قد باءت بالفشل بسبب البرامج الاستعجالية التي قررتها الحكومات السابقة وكذلك الحكومة الحالية التي وضعتها بطريقة تنظيرية بعيدة عن الواقع فكانت نتائجها كارثية زادت من تأزيم الاوضاع في البلاد رغم صرف مئات ملايير الدراهم لتحقيقها دون جدوى وفي ظل غياب التمحيص والمراقبة وربط المسؤولية بالمحاسبة .
ناهيك عن عدة مشاريع استثمارية يجهل مصير الأموال الطائلة التي صرفتها الدولة لتحقيقها والرفع من تنمية البلاد مثل ما حدث مع وكالة تنمية الواحات ومناطق شجر الاركان التي تم تزويدها ، ما بين 2012 و 2020 ،عندما كان رئيس الحكومة الحالي عزيز اخنوش وزيرا للفلاحة ، بما يفوق 105 مليار درهم في حوالي 8 سنوات فقط ، دون أن يظهر لها اثر ، حسب متتبعين للشان الوطني ، الذين يتساءلون عن اوجه صرفها وطبيعة المشاريع التي صرفت فيها وما تأثيرها على الأراضي التي غطاها الفيض مؤخرا ، مع انعدام بنيات واقية للفيضانات ، مما جعلهم يستهولون هذا القدر المالي الكبير ومطالبتهم بفتح تحقيق حول ذلك واتهامهم لهذه الوكالة بأنها كانت أداة لدعم حزب وطني ما في تأسيس قواعده وتمكينه من فرض وجوده بقوة باعتبارها دكانا انتخابيا وأداة للمكافأة والاستقطاب … والامثلة المخجلة كثيرة ومتعددة .
كما يمكن الإشارة إلى المواقف الباهتة للحكومة الحالية في عدة أحداث كارثية ابتليت بها المملكة الشريفة كزلزال الحوز الذي ذهب ضحيته الآلاف من المواطنين وانهارت منازل ما يفوق 50 الف اسرة والتي إلى حد الآن لم يتم إعادة بناء سوى 1000 مسكن ، حسب إعلان رسمي ، في الوقت الذي لازالت أكثر من 90 بالمائة من الاسر تبيت تحت البيوت البلاستيكية في ظروف قاسية معرضة لأشعة الشمس وحرارتها العالية ، خاصة وهم على اهبة استقبال موسم الخريف برياحه العاصفة والذي سيليه موسم الشتاء بأمطاره القوية وثلوجه وأجوائه الصعبة والقارسة .
كما ان عجز الحكومة أمام الفيضانات الاخيرة التي شهدتها الاقاليم الجنوبية من المملكة بكل من ورزازات والرشيدية وطاطا والجهة الشرقية من المغرب والتي تضررت كثيرا بفعل السيول والانهار التي جرفت عدة منازل وأشجار ونخيل ومحاصيل فلاحية وأبقار وأغنام وجمال … والتي تسببت أيضا في وفاة عدد من الأشخاص كبارا وصغارا ، منهم من عثر على جثته ومنهم من سجل في عداد المفقودين .
وقد رصدت الدولة لهذه الكوارث الطبيعية أموالا طائلة دون ان تظهر آثارها الفعلية أو تجعل المواطنين يلمسون شيئا من حسن نية المسؤولين تجاه ما يحدث في مثل هذه المواقف أو غيرها ، مما يثير الشكوك حول ما تقوم به هذه الحكومة التي في نظر الناس لا تحسن إلا الكذب والبهتان وازدراء المواطنين .
لهذا فإن ما حدث من هجرة جماعية للمغاربة نحو ديار المهجر إن هو إلا تعبير عن غضب شعبي عن السياسات الفاشلة التي تسير بها البلاد من طرف حكومة لا مسؤولة دفعت بهؤلاء المواطنين إلى التضحية بحياتهم وأسرهم واقربائهم في سبيل الهروب من واقع مرير يعاني منه الكبير والصغير في بلدهم الأم والذين استطاعوا أن يتحملوا الصعاب والمآسي في سبيل الحفاظ على ماء وجه وطنهم العزيز ومراعاة لما يكنونه لملك البلاد وثقتهم الكبيرة في شخصه وتطلعاته في خدمة الوطن والمواطنين ، لكن عندما وصل السيل الزبى ولم يعد للصبر قدرة على حلحلة الأوضاع التي اصبحت مزرية ولا تبشر بالخير ، اضطر المواطنون إلى اللجوء إلى هذا الحل الانتقامي والانتحاري على حد سواء ، عسى ان يجدوا ما يستجيب لرغباتهم في تحسين أوضاعهم المأساوية هذه وتحقيق احلامهم وآمالهم بالضفة الاخرى .
وحسب استقراءات الرأي العام ، فقد تجلى من خلال ما صرح به العديد من المواطنين ، سواء منهم الذين شاركوا في عملية الهروب هذه ، او المواطنون غير المعنيين بهذه الحركة الفريدة من نوعها من حيث العدد وأعمار المشاركين فيها ، حركة الهروب الجماعي ، أنهم قد فقدوا الامل في هذه الحكومة واصبحوا يبغضونها ويفقدون كل الثقة بها ويطالبون برحيلها ومتابعتها لدى القضاء ، حتى تنال جزاءها جراء التهاون في اداء الواجب المهني والوطني الموكول إليها والتلاعب بمصير البلاد والعباد … وللحديث بقية …